الحمد للَّه ربِّ العالمين، والصَّلاةُ والسَّلام على نبيِّنا مُحمَّد، وعلى آلِه وصحبِه أجمعين.
أمَّا بعد:
فإنَّ اللُّغةَ العربيَّةَ أشرفُ اللُّغاتِ وأجلُّها، والقرآنُ الكريم نزل بها، قال سبحانه:{بلسان عربي مبين}، وقد كان العربُ في الجاهليَّة وصدرِ الإسلام يتكلَّمون العربيَّةَ على سَجِيَّتِهم سالمةً من اللَّحْن، فلمَّا أَظْهَر اللَّهُ الإسلامَ على سائر الأديان، ودخل النَّاسُ فيه أفواجاً، وأقبلوا إليه أَرسالاً، واجتمعتْ فيه الأَلسِنةُ المتفرِّقة، واللُّغاتُ المختلِفةُ؛ فَشا اللَّحْن في اللُّغة العربيَّة، واستبان مِنها في الإعراب الذي هو حُليُّها، والمُوضِح لِمعانيها، فعَظُم الإشفاقُ مِن غلبةِ اللَّحْن وفسادِ اللُّغة، فوضعَ العلماءُ في صَدر الإسلام قواعِدَه ودوَّنُوها مَنْثُورةً في كُتُبهم، ومِنهم من نَظَم تلك القواعدَ في منظوماتٍ؛ تقريباً لمسائل العلم، وتسهيلاً على النَّاشِئة.
ومِن أولئك: إمامُ النَّحوِ أبو عبد اللَّه محمد بنُ عبد اللَّه ابنِ مالكٍ الطَّائيُّ الجَيَّانيُّ رحمه الله المتوفَّى سنة (٦٧٢ هـ)، فقد نَظَم مسائل النَّحو في مَنظومَةٍ على بحر الرَّجَز، عدَّةُ أبياتِها (٢٧٥٧) بيتاً، سمَّاها:«الكافيةَ الشَّافية»، ثمَّ اختصرها في أُرجوزةٍ حَوَتْ أَلْف بيتٍ وبيتين (١٠٠٢)،