وكل هذه المسائل قال بها أئمة لكنهم لم يسبقوا إلى هذه الأقوال، والذي ينبغي على التأصيل الذي أصَّله أن يرد هذه الأقوال، لكنه لم يسر على هذا التأصيل، بل اختار هذه الأقوال التي لم يسبق إليها.
وقد يخفى عليه في بعض المسائل أن هذا العالم أتى بقول لم يسبق إليه، وهذا من العذر له، لكن في بعض المسائل تبين أنه يعلم أن هذا العالم لم يسبق لهذا القول كما في مسألة عدم نقض رطوبة فرج المرأة للوضوء، فقد أخذ برأي ابن حزم مع علمه بأنه لم يسبق إليه.
وكذلك في مسألة الإشارة بالسبابة في الجلوس بين السجدتين فقد اختار رأي ابن القيم مع علمه بأنه لم يسبق إليه، فقد قال:"ولي سلف من أهل العلم وهو ابن القيم"(١)، مما يدل على أنه لم يجد من سبق ابن القيم لهذا ولو وجد لذكره، فذكر أسماء العلماء الموافقين في الرأي تقوية له، فقد ذكر ابن عثيمين أنه قد يقول الشيء ثم يقول
(١) مجموع فتاوى ورسائل العثيمين ١٣/ ١٩٣. وقد سبق بيان أن النسبة لابن القيم غير ثابتة.