ولا يعني هذا الكلام أن يفتح الباب لكل أحد، بل لا يحق الاجتهاد إلَّا لمن كان عالمًا أهلًا للاجتهاد، فقد نقل النووي إجماع العلماء أن الاجتهاد لا يكون إلَّا لـ"عالمٍ أهلٍ للحكم"(١).
والأولى أن يعرض قوله على المجامع الفقهية، ودور الإفتاء، التي تجمع عددًا من العلماء المؤهلين للبحث والاجتهاد فيما تحتاج له الأمة من المسائل، فيقومون بمناقشته بهدوء، فقد يبينون رجحانه، أو يرفضونه، أو يأخذون بعضًا ويدعون بعضًا، دون أن يحارب القول الجديد، فيخاف بعض المؤهلين من إبداء آرائهم التي تعضدها الأدلة وقد تكون سببًا لنفع الأمة.
فهذا ابن عثيمين أتى بعد قرون من انتشار قول المنع من القول بما لم يسبق به قول، ومع ذلك اجتهد في أقوال لم يسبق إليها وكانت قوية تدعمها الأدلة، كما قال تلميذه الدكتور أحمد الخليل في مسألة جهر الإمام بالتكبير: "الفقهاء يذكرون الاستحباب، فإذا لم يثبت الإجماع، وصار في المسألة خلاف، فإن الراجح ما قاله شيخنا من أن هذا واجب وليس سنة فقط؛ لأنه لا يحصل الاقتداء والائتمام على الوجه المطلوب إلا
(١) المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج، للنووي ١٢/ ٢٤٠.