للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا أخترع شيئًا، بل أُلاحظ وضع الشرع، وأستثير معنىً يناسب ما أراه وأتحرّاه، وهكذا سبيل التصرف في الوقائع المستجدة التي لا توجد فيها أجوبة العلماء معدة، وأصحاب المصطفى -صلى الله عليه وسلم- ورضي عنهم، لم يجدوا في الكتاب والسنة إلا نصوصًا معدودةً، وأحكامًا محصورةً، محدودةً، ثم حكموا في كل واقعة عنَّت، ولم يجاوزوا وضع الشرع، ولا تعدوا حدوده; فعلَّمونا أن أحكام الله تعالى لا تتناهى في الوقائع، وهي مع انتفاء النهاية عنها صادرةٌ عن قواعد مضبوطة" (١).

وهذا ما جعل ابن حزم يجد هذا العدد من الأقوال التي أحصاها لهؤلاء الأئمة التي لم يسبقوا إليها، ويذكرها دعوة منه لمقلديهم أن يجتهدوا كما اجتهد أئمتهم، ويقتفوا سيرتهم، ولا يتوقفوا مكتوفي الأيدي عند النازلة التي لم يجدوا لإمامهم قولا فيها، ومع ذلك فإن لهؤلاء الأئمة أقوالًا في مسائل قديمة قالوا فيها بأقوال لم يسبقوا إليها لكنها كانت قليلة مقارنة بالعدد الذي ذكره عنهم ابن حزم وهذا الذي يهمني في البحث وهو الذي سأنقله عنهم في التطبيقات القادمة بإذن الله.


(١) غياث الأمم في التياث الظلم، للجويني، ص ٢٦٧.

<<  <   >  >>