للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد رماهم مخالفوهم بشتى الأوصاف، وأوذوا نفسيًا وبدنيًا (١)، وكان جوابهم لهم: بأنه "يجوز أن لا يتقدم به قائل ولكن لا يلزم انعقاد الإجماع على خلافه؛ إذ لعل تلك النازلة تكون قد نزلت فأفتى فيها بعض العلماء أو كثير منهم أو أكثرهم بذلك القول ولم يستفت فيها الباقون ولم تبلغهم فحفظ فيها قول طائفة من أهل العلم، ولم يحفظ لغيرهم فيها قول، والذين حُفظ قولهم فيها ليسوا كل الأمة فيحرم مخالفتهم … فنحن في مخالفتنا لمن ليس قوله حجة أعذر منكم في مخالفتكم لمن قوله حجة فإن كنتم معذورين في مخالفة الدليل لقول من بلغتكم أقوالهم مع أنهم ليسوا كل الأمة فنحن في مخالفتهم لقيام الدليل أعذر عند الله ورسوله منكم" (٢).

وظل هذا هو الغالب على الحياة العلمية، فكل قول لم يسبق به قائل يرفض، ويقاوم القول وقائله، وتكثر التآليف بين الرد والجواب، وتحشد جميع الأدلة في نصرة الآراء، ومن المحير للقارئ أنه يجد أن كل عالم من الأئمة المتبوعين


(١) انظر: كتاب الممتحنون من علماء الإسلام، لسليمان العثيم، ففيه الكثير من القصص التي تبين ذلك.
(٢) الصواعق المرسلة، لابن القيم ٢/ ٥٨٢.

<<  <   >  >>