للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تَتَزَوَّجُ؟ قَالَ سَعِيدٌ: أَمَّا النَّاسُ فَيَقُولُونَ: يُجَامِعُهَا، وَأَمَّا أَنَا فَإِنِّي أَقُولُ: إذَا تَزَوَّجَهَا بِتَزْوِيجٍ صَحِيحٍ لَا يُرِيدُ بِذَلِكَ إحْلَالًا، فَلَا بَأْسَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا الْأَوَّلُ" (١).

فهذا دليل على أنه خالف قول الناس عن علم به، ومن المستبعد ألا يعرف دليل قول هؤلاء الناس الذي خالفهم فيه، أو أنه لا يسألهم عن دليلهم، أو يتركه الناس دون أن يذكروا له الدليل، وقد يكون خلاف سعيد ابن المسيب مع الجمهور في مفهوم الحديث فهو يرى أن المرأة في حديث العسيلة لم ترد الزواج إلَّا للتحليل، وقد روي عنه أن نية المرأة كالرجل مؤثرة في العقد، قال ابن تيمية: "وَقَالَ الْحَسَنُ وَالنَّخَعِيُّ وَغَيْرُهُمَا: إذَا هَمَّ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ فَهُوَ نِكَاحُ مُحَلِّلٍ، وَيُرْوَى ذَلِكَ عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ" (٢)، فأراد النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يغلق الباب على أهل التحليل باشتراط الجماع، فإن أهل المروءات تعاف نفوسهم الأذن لزوجته أن يجامعها رجل آخر لتعود له، فقد يكون ابن المسيب يرى أن من كان نكاحه للتحليل فلا يجوز له الرجوع، وأن من تزوجها بتزويج صحيح فيكفي العقد لعموم الآية، والحديث لا يخصصها، والله أعلم.


(١) المحلى، لابن حزم ٩/ ٤١٦.
(٢) الفتاوى الكبرى، لابن تيمية ٦/ ٢٩٨.

<<  <   >  >>