الإِصلاحية نجد أنها لم تغفل هذه الجوانب، لكنها لم تقع فيما وقعت فيه بعض الحركات الإِصلاحية، التي بدأت فى دعوِتها من الأغصان، وتركت الجذور، أو على الأقل أعطت للجذور مرتبةَ متأخرة، مع أن الأغصان ثمرة ونتيجة للجذور، والفطرة تقتضي أن تكون البدايةُ بالجذور، لأن صلاح الجذر يرشح على كل السيقان، والأغصان، والأوراق.
ونرى أن هذه الحركات الإِصلاحية التي ركزت على الجوانب السياسية أو الاقتصادية، لم تستطع أن تمضي في طريقها لبناء دولة للدعوة، تترسَّم الخطوات العقلية الحكيمة المنسجمة مع طبيعة الإِسلام، وتجربة بناء دولة الإِسلام الأولى بمراحلها المختلفة، بالإِضافة إِلى أن في صلاح العقيدة صلاحا لبقية الجوانب، شريعةً كانت، أو أخلاقا، أو بناء مؤسسات حضارية، سياسية كانت، أو اقتصادية، أو اجتماعية.
إِن الدعوة الإِصلاحية حلقة في سلسلة طويلة من الدعوات الإِصلاحية، بل إِن الشيخ محمد بن عبد الوهاب نفسه كان ثمرة من ثمرات مدارس إِصلاحية، أخذت بيده إِلى هذا الطريق الذي خدم به دينه، فالشيخ ابن عبد الوهاب كان ينتمي إِلى مدرسة الإِمامين: أحمد بن حنبل، وأحمد بن تيمية، كما أن البيت الذي نشأ فيه كان بيت علم موصول بالكتاب والسنة، فجدّه سليمان بن علي كان من كبار علماء نجد، وعمّه إِبراهيم كان عالماً وفقيهاً، وابن عمه عبد الرحمن بن