لقد أدرك الشيخ محمد بن عبد الوهاب أهمية أن تحمى العقيدة والدعوة بدولة قوية، تستلهم القرآن الكريم، والسنة النبوية المطهرة، وتاريخ الأمة المشرف؛ لتخرج الأمة من ورطتها، ومن ثمّ تعمل على أن تخرج الناس جميعا من ظلمات الجهل، والشرك، إِلى نور العلم، والتوحيد، حتى تعود للإِنسان إِنسانيته التي ضاعت بأيدي البشر تحت نير الخرافة، وسطوة الدجل، وحتى لا تكون فتنة، ويكون الدين كله لله.
هذا، وفي طريق تحقيق هذا المستقبل المنشود، مرت الدعوة بعدة مراحل، شأنها شأن كل دعوة إِصلاحية:
المرحلة الاولى: مرحلة التمهيد والتكوين:
بدأت هذه المرحلة في بلدة حُرَيْملاَء، وظل الشيخ في هذه المرحلة منشغلا بالعلم والتعليم، وأعلن دعوته، واشتد في إِنكاره، حتى شاع خبره، وصار الناس في أمره فريقين: فريقا مؤيدا، وهم القلة، وفريقا معارضا، وهم الكثرة، لكنه استطاع بما أوتي من فصاحة، وقدرة على إِبراز الأدلة، أن يقنع كثيرا من الناس ببطلان ما هم عليه من الشرك.
يقول حسين بن غنام -تلميذ الشيخ محمد بن عبد الوهاب-:
((وأتى إِليه أناس كثيرون، وانتظم حوله جماعة اقتدوا به، واتبعوا طريقه، ولازموه، وقرأوا عليه كتب الحديث، والفقه، والتفسير)) ١.