للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

*يميل العقل البشري بطبيعته إلى تصنيف الأشياء وتنميطها، ربما لذلك يميل المرء أحيانا إلى أن يصنف الخصم تصنيفًا خاطئًا ويتوسم فيه غير ما هو، ويسقط عليه من تصنيفاته الفئوية الخاصة ما لا يناسبه، وكأن المرء هنا يكشف عن ذات نفسه أكثر مما يكشف عن الآخر، كقول سبينوزا: "إن ما يقوله بولس عن بطرس يخبرنا عن بولس أكثر مما يخبرنا عن بطرس"، وقد يميل المرء إلى التنميط فيدمغ الخصم بصفات معينة تميز الجماعة أو الطائفة التي ينتمي إليها، بينما الخصم يرى رأيًا يحيد كثيرًا عن تلك الطائفة أو يذهب مذهبًا يمثل جناحًا معينًا منها، والذي قد يختلف اختلافًا مهمًا عن آراء الأجنحة الأخرى من نفس الطائفة.

*يجرى مجرى التبسيط أن ترمي الخصم بالتطرف وهو معتدل، وبالإطلاق وهو نسبي، والحق أن أمثل النماذج لرجل القش هو أن تهول من موقف الخصم وتزيحه من الأواسط إلى الأطراف، ذلك أن المواقف المتطرفة أسهل في التفنيد لأنها لا تسمح باستثناءات فهي تبدأ بـ"كل" أو "لا أحد"، من هنا دأبت مغالطة رجل القش على مهاجمة الأفكار أو الاتجاهات في صورتها المتطرفة حيث هي تكون أضعف ما تكون.

<<  <   >  >>