علم السيرة "سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم" كتب فيه العلماء من محدِّثين ومفسرين وفقهاء، وكتب فيه الأدباء والشعراء، وتنوعت هذه الكتابات كثيراً، كما أنها تأثرت بالبيئات التي نشأت فيها سواء كان هذا التأثر حسناً، أو تأثراً استسلمت فيه الكتابة للعاطفة الجياشة، فقادته مع تفلت من كثير من الضوابط العقدية والعلمية، وهذا يلاحظ كثيراً في القصائد والمدائح النبوية ... وهذان القرنان الثامن والتاسع كان فيهما من كلا الأمرين الإيجابي وهو الكثير، والآخر وهو السلبي إلى حدٍ ما.
وكتابة السيرة مرّ بمراحل تعد سلسلة من الحلقات المتواصلة المتداخلة يؤثر السابق في اللاحق، كما أن الحالي يؤثر في المستقبل ...
ففي القرنين الأول والثاني الهجريين ظهر ما عرف بالمغازي التي كانت تُعنى بمغازي النبي صلى الله عليه وسلم، ثم توسعت لتشمل جميع حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا المعنى يتبين من محتويات هذه المصنفات التي فقد معظمها ووجدت روايات كثيرة منها في المصنفات اللاحقة.
ومن هؤلاء الأوائل الذين اهتموا بتدوين بعض أحداث السيرة:
عروة بن الزبير (ت٩٤هـ) ، أبان بن عثمان بن عفان (ت١٠١هـ) ، عامر بن شراحيل الشعبي (ت١٠٣هـ) ، عاصم بن عمر بن قتادة (ت١١٩هـ) ، شرحبيل بن سعد (ت١٢٣هـ) ، محمد بن مسلم بن شهاب الزهري (ت١٢٤هـ) ، عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم (ت١٣٥هـ) ، موسى بن عقبة (ت١٤٠هـ) ، سليمان بن طرخان (ت١٤٣هـ) صاحب "السيرة الصحيحة " لعله أقدم ما وصل إلينا فيها، وقد نشرها المستشرق