فالواجب على المؤرخ تتبع الخبر في مصادره واستقصاؤه من مظانه. وللتمثيل لعمل علماء الإسلام المحققين بهذه القاعدة، يمكن تتبع البخاري في كتاب المغازي من جامعه الصحيح، فهو لا يكاد يخرج في مصادره عن القرآن الكريم، ثم ما صح عنده من الأخبار التي يرويها بأسانيده عن الرواة الموثقين، ثم ينزل أحيانا ليأخذ عن أئمة المغازي والسير، لكن يبقى الأصل المعتمد عنده هو القرآن الكريم وما صح له بأسانيده. فإذا وجد في الخبر آية أو آيات من القرآن الكريم، فإن البخاري لا يستجيز لنفسه أن يورد شيئا مما صح عنده حتى يقدم له بالقرآن. فكان يورد الآيات في أول تراجم الأبواب، لتكون هي الأصل المعتمد، ثم يخرج أخباره بعد ذلك.