للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وأما الناحية الثانية فهي أحوال كتاب "الأغاني"، وذلك ما بينه الدكتور زكي مبارك بقوله:"... فهو كتاب أدب لا كتاب تاريخ، وأريد بذلك أن المؤلف أراد أن يقدم لأهل عصره أكبر مجموعة تغذى بها الأندية ومجامع السمر، ومواطن اللهو ومغاني الشراب... ولهذا النحو في التأليف قيمة عظيمة جدا إذا فهمه القارئ على وجهه الصحيح، فهو دليل على خصوبة التصور والخيال، وبرهان على أن كُتَّاب اللغة العربية لم يحرموا من القصص الشائق الخلاب... ولكن الخطر كل الخطر، أن يطمئن الباحثون إلى أن لرواية الأغاني قيمة تاريخية، وأن يبنوا على أساسها ما يشاؤون من حقائق التاريخ" (١) .

فهذا مثال لفائدة الاعتبار بقيمة الكتاب ومنهجه ومكانته من جهة التاريخ. ولتيسير هذا العمل على الباحثين في السيرة النبوية، قام أستاذنا الدكتور فاروق حمادة بتقويم الكتب والمصادر التي تضم أخبار السيرة النبوية، وبيان مكانتها التاريخية ليأخذ الناظر ذلك بعين الاعتبار، ورتب هذه المصادر بحسب قوتها ومكانتها ودرجة الوثوق بها، وذلك في كتابه "مصادر السيرة النبوية وتقويمها". ومما قاله في التمهيد: "لذلك فإن عملية تحديد المصادر الأصلية للسيرة النبوية أهم عمل أمام الدارس للسيرة النبوية خصوصا وللإسلام عموما، وتقويم هذه المصادر يعطيه العدة الكافية لتناول السيرة المحمدية نقية من الشوائب، ويطلع على حقيقتها وأبعادها..." (٢) وهي إشارة إلى ضرورة استحضار مكانة الكتاب عند أخذ الخبر التاريخي منه، واستحضار


(١) – انظر " مصادر السيرة النبوية وتقويمها" للدكتور فاروق حمادة ص: ١٣٢-١٣٣.
(٢) "مصادر السيرة النبوية وتقويمها" ص: ٢٩.

<<  <   >  >>