للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ضمام بن ثعلبة على النبي صلى الله عليه وسلم كان سنة خمس. ولفحص هذا الخبر استحضر الحافظ ابن حجر رحمه الله الظروف العامة المتعلقة بالخبر فرجع إلى ما ثبت من أخبار عن قوم ضمام بن ثعلبة، وأخبار الوفود وغيرها. وهذا ما بينه بقوله عن هذا الخبر: "لكنه غلط من أوجه:

أحدها: أن في رواية مسلم أن قدومه كان بعد نزول النهي عن سؤال الرسول صلى الله عليه وسلم، وآية النهي في المائدة ونزولها متأخر جدا.

ثانيها: أن إرسال الرسل إلى الدعاء إلى الإسلام إنما كان ابتداؤه بعد الحديبية، ومعظمه بعد فتح مكة.

ثالثها: أن في القصة أن قومه أوفدوه، وإنما كان معظم الوفود بعد فتح مكة.

رابعها: في حديث ابن عباس أن قومه أطاعوه ودخلوا في الإسلام بعد رجوعه إليهم، ولم يدخل بنو سعد وهو ابن بكر بن هوزان في الإسلام إلا بعد وقعة حنين وكانت في شوال سنة ثمان ... فالصواب أن قدوم ضمام كان سنة تسع" (١) .

ومن أمثلة ذلك أيضا نقد الخطيب البغدادي لخبر فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم وضع الجزية عن يهود خيبر، وكتب لهم عهدا بذلك، وأمر الإمام عليا بالكتابة، وأشهد سعد بن معاذ ومعاوية بن أبي سفيان. فهذه وثيقة تاريخية يراد فحصها ونقدها. فلما نظر الخطيب البغدادي في الوثيقة قال: هذا مزور، قيل له وكيف عرفت ذلك؟ قال: لأن فيه شهادة سعد بن معاذ، وقد مات قبل فتح خيبر، وفيه شهادة معاوية بن أبي سفيان، وإنما أسلم عام الفتح بعد فتح خيبر (٢) . وإنما عرف الخطيب البغدادي زور هذه الوثيقة وعدم صحتها لما اعتبر بما يتصل بالعناصر الواردة في مضمونها، وبالظروف العامة التي ترجع إليها. فقد


(١) "فتح الباري" ١/١٥٢.
(٢) انظر " الوافي بالوفيات" ١/٤٤-٤٥، " الإعلان بالتوبيخ لمن ذم أهل التاريخ" ص: ٢٦.

<<  <   >  >>