للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وضعه المحدثون، لم يكن له حضور عند أكثر من كتب في السيرة النبوية وتاريخ الإسلام، فكانوا يسوقون الأخبار والروايات من غير نقد ولا تمحيص. ولهذا بقي المحدثون يتتبعون أخبار السيرة النبوية بالنقد والتمحيص ليتميز الصحيح فيها من الضعيف. وبفضل جهود المحدِّثين والاعتماد على مناهجهم أمكن لعلماء الإسلام التمييز بين الصحيح من السيرة النبوية وضعيفها، وذلك لدقة مناهجهم وقوة مسالكهم في النقد. ويمكن بيان منهج المحدِّثين في نقد أخبار السيرة النبوية في الخطوات الآتية:

١- استقصاء مصادر الخبر وطرقه ورواته وألفاظه وصيغه:

إن الناظر في كتب المحدِّثين والمتتبع لتصرفاتهم في التصحيح والتضعيف، يستوقف نظره ولوع علماء الحديث ونقاده بجمع طرق الحديث الواحد واستقصاء الأسانيد التي ورد بها، وحصر طرقه ومخارجه التي أتى منها، وبلغ منهم ذلك أَنْ حَمَلَ بعضَ مَنْ لم يعرف مسلك المحدِّثين على وصفهم بزوامل للأسفار.

أو كما قال بعضهم:

زوامل للأشعار لا علم عندها ... لعمرك ما يدري البعير إذا غدا

بجيدها إلا كعلم الأباعر ... بأحماله أو راح ما في الغرائر (١)

وذلك لما رآهم لا يكتفون بالسند الواحد للحديث حتى يضموا إليه غيره، وكانوا يفرحون بذلك؛ لأنه الطريق إلى معرفة هذا الحديث والحكم


(١) "تأويل مختلف الحديث" لابن قتيبة ص ١٧. والغرائر جمع غِرارة، وهي: وعاء من الخيش ونحوه توضع فيه الحبوب.

<<  <   >  >>