للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الصحيح عليه، ومعرفة أوصافه، وكل ما يمكن أن يعرض للأحاديث، ولهذا يقول يحيى بن معين: "لو لم نكتب الحديث من ثلاثين وجها ما عقلناه" (١) . فكلما توسع الناظر في الحديث في جمع الطرق وتتبع الأسانيد التي ورد بها، كثرت فوائده وضَعُفَ احتمال غَلَطه في الحكم على الحديث، وعرف من ذلك ما لم يعرفه لو وقف عند السند الأول الذي وقف عليه أولاً. يقول الإمام أحمد: "الحديث إذا لم تجمع طرقه لم تفهمه، والحديث يفسر بعضه بعضا" (٢) . فكل سند للحديث الواحد يأتي بفائدة جديدة في الحكم على الحديث ومعرفة صفته، ولهذا جعل المحدثون الطريق الواحد بمنزلة خبر مستقل ولو كانت الطرق كلها تحكي عن الواقعة نفسها وتحمل المتن نفسه، وكانوا في العد يجعلون كل طريق حديثا واحدا، وفي هذا المعنى يقول الإمام مسلم بن الحجاج في بيان مسلكه في صحيحه:" إنا نعمد إلى جملة ما أسند من الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنقسمها على ثلاثة أقسام، وثلاث طبقات من الناس، على غير تكرار إلا أن يأتي موضع لا يستغنى فيه عن ترداد حديث فيه زيادة معنى أو إسناد يقع إلى جنب إسناد؛ لعلة تكون هناك؛ لأن المعنى الزائد في الحديث المحتاج إليه يقوم مقام حديث تام، فلابد من إعادة الحديث الذي فيه ما وصفنا من الزيادة." (٣) فصرح أن الزيادة في الإسناد تقوم مقام حديث تام.

ويتأكد هذا خاصة في أخبار السير والمغازي لأنها في الغالب عبارة عنش


(١) "الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع" ٢/٢١٢.
(٢) المصدر نفسه.
(٣) مقدمة صحيح مسلم بشرح النووي ١ / ٤٨ –٤٩.

<<  <   >  >>