الخبر يتعلق بحادثة أخرى غير الحادثة التي يتعلق بها الخبر المنظور فيه أولا، لكنه بالتأمل والتدبر تظهر معارضته له في جهة من جهاته. مثال ذلك أن رواية فيها أن علي بن أبي طالب وبني هاشم رفضوا بيعة أبي بكر. فقد وردت روايات تعارضها معارضة صريحة. وهناك أخبار تعارضها، لكنها ليست صريحة في ذلك لأنها ليست في موضوع البيعة، وإنما في موضوع آخر بعيد عن ذلك، وهي سائر أخبار علي بن أبي طالب وأحواله وأعماله ومواقفه في سائر الأحداث التي شهدها زمن أبي بكر.
ومن هذه الأخبار:
- أن علياً لم ينقطع عن صلاة من الصلوات خلف أبي بكر الصديق.
- أن علياً خرج مع أبي بكر إلى ذي القصة لما خرج إليها لقتال المرتدين.
- لم يتخلف علي بن أبي طالب عن مشهد من المشاهد التي شهدها عامة الصحابة مع أبي بكر في خلافته.
فهذه الأخبار - وإن لم تكن في بيعة علي أبا بكر أو عدم بيعته- فإنها تتصل بذلك؛ لأن ما تفيده يعارض أن يكون علي قد رفض بيعة أبي بكر، فلو رفضها فكيف يشهد الصلوات خلفه، وكيف يخرج معه إلى الجهاد؟، وكيف يحضر المجالس التي يجلس فيها أبو بكر خليفة يبتُّ في أمور الدولة؟.
فهذه الأخبار ليست صريحة في المعارضة، لكن مضمونها لا ينسجم مع هذه الرواية. والاعتبار بالمعارض غير الصريح يلتقي مع الاعتبار بالظروف