والرجاء يقوده. فهذا أصل عظيم، يجب على كل عبد أن ينتبه له، فإنه لا تحصل له العبودية بدونه، وكل أحد يجب أن يكون عبداً لله لا لغيره.
فإن قيل: فالعبد في بعض الأحيان قد لا يكون عنده محبة تبعثه على طلب محبوبه. فأي شيء يحرك القلوب. قلنا: يحركها شيئان:
أحدهما: كثرة الذكر للمحبوب؛ لأن كثرة ذكره تعلق القلوب به.
الثاني: مطالعة آلائه ونعمائه ... فإذا ذكر العبد ما أنعم الله به عليه من تسخير السماء والأرض وما فيها من الأشجار والحيوان وما أسبغ عليه من النعم الباطنة من الإيمان وغيره فلا بد أن يثير عنده باعثاً. وكذلك الخوف تحركه مطالعة آيات الوعيد والزجر والعرض والحساب ونحوه.
وكذلك الرجاء يحركه مطالعة الكرم والحلم والعفو"١.
قوله: "َودَلِيلُ التَّوَكُلِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} " أصل التوكل: الاعتماد. تقول: توكلت على الله توكلاً، أي: اعتمدت عليه، هذا معنى التوكل. وحقيقة التوكل: أن يعتمد العبد على الله سبحانه وتعالى اعتماداً صادقاً في مصالح دينه ودنياه مع فعل الأسباب المأذون فيها. فالتوكل: اعتقاد، واعتماد، وعمل. أما الاعتقاد فهو: أن يعلم العبد أن الأمر كله لله، فإن ما شاء الله كان وما لم يشاء لم يكن. والله جل وعلا هو: النافع، الضار، المعطي، المانع. ثم بعد هذا