للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد أقر الأشعري: أن السماوات والأرض {قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} ١ حقيقة لا مجازاً٢، ولا خلاف بين العقلاء ... ٣ في أن الله سبحانه قادر على أن ينطق الحجر الأصم على ما هو به، وقال الأشعري: (بعد أن يجعل فيه روحاً) ٤ والناس كلهم مخالفون له فيما قال.

وإذا وصف بقدرة على إنطاق الحجر الأصم على ما هو به. بطل قول من زعم أن وجود الصوت غير جائز إلا من هواء منخرق بين جرمين.

ثم لو كان الأمر على ما زعموا، لم يجب أن يوصف الله سبحانه بما يخالف الشاهد ألا ترى أن الله سبحانه بالاتفاق واحد، حي، قادر، عالم،


١ سورة فصلت: (جزء من آية ١) .
٢ انظر: (الإبانة: ٧٩) و (اللمع ص ٣٦) حيث يقول فيها (فإن قال ما معنى قوله تعالى: {قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} ؟ قيل: له معنى ذلك أنهما قالتا في الحقيقة (أتينا طائعين) .
٣ في الأصل كلمة لم أتبين معناها رسمها هكذا (علمي) .
٤ نسب هذا القول إليه أيضاً: البغدادي في أصول الدين ص٢٩ فقال: "وإنما اختلف أصحابنا في كون الحياة شرطاً في وجود الكلام فيما ليس بحي، فاشترطها الأشعري فيه وأجاز القلانسي وجود الكلام لما ليس بحي" إهـ.
وصنيع الأشعري رحمه الله في الإبانة على خلاف ذلك إذ قال في معرض الرد على المعتزلة: "فإن قالوا: لا تكون الشجرة متكلمة لأن المتكلم لا يكون إلا حياً، قيل لهم: ولا يجوز خلق الكلام في شجرة، لأن من خُلق الكلام فيه لا يكون إلا حياً، فإن جاز أن يخلق الكلام فيما ليس بحي فلِمَ لا يجوز أن يتكلم من ليس بحي" (٧٩) .
فدل ذلك على أنه لا يشترط الحياة في المتكلم، كما دل على رجوعه عما نقل عنه، إذ الإبانة من آخر ما صنف رحمه الله.

<<  <   >  >>