للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في التصديق ما جاء عنه في المعرفة والله أعلم.

وقال الكرخي: "إن نفس التصديق يقبل القوة، وهي التي عبر عنها بالزيادة، للفرق المميز بين يقين الأنبياء ويقين آحاد الأمة وكذا من قام عليه دليل واحد ومن قامت عليه أدلة كثيرة، لأن تظاهر الأدلة أقوى للمدلول عليه وأثبت لقدمه"١.

فبهذا البيان والنقول يتضح بما لا مجال للشك في، أن التصديق نفسه يقبل الزيادة والنقصان، فتأمل هذا الوجه جيداً فقد اشتمل على أوضح رد وأجلى بيان لبطلان قول من قال إن التصديق لا يزيد ولا ينقص، وإن نقصانه يقتضي الشك والكفر، وسيأتي مزيد بيان لذلك، وذكر من قال به وإبطاله في مبحث قادم إن شاء الله تعالى.

الوجه الرابع:

إن المعرفة القلبية- وهي دون التصديق٢- يتفاضل الناس فيها، فهي تختلف من حيث الإجمال والتفصيل، والقوة والضعف، ودوام الحضور والغفلة فليست المعرفة المستحضرة الثابتة التي يثبت الله صاحبها كالمجملة التي غفل عنها صاحبها، وإذا حصل له ما يريبه فيها ارتاب ثم رغب إلى الله في كف الريب.

قال شيخ الإسلام: "وكذلك المعرفة التي في القلوب تقبل التفاضل


١ نقله عنه أبو السعود في تفسيره (٣/٤) وصديق حسن خان في كتابه فتح البيان (٤/ ٦) والنقل بتصرف.
٢ لمعرفة الفرق بين المعرفة والتصديق انظر رسالة الإمام أحمد للجوزجاني ضمن السنة للخلال (ق ١٠٥/أ) وانظرها وشرح شيخ الإسلام لها في الفتاوى (٧/ ٣٩٠، وما بعدها) ، قال شيخ الإسلام في شرحها (٧/ ٣٩٥) : "وأحمد فرق بين المعرفة التي في القلب وبين التصديق الذي في القلب.. ".

<<  <   >  >>