للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالشيء كلما قويت أسبابه وتعددت وانقطعت موانعه واضمحلت كان أوجب لكماله وقوته وتمامه، والعكس بالعكس.

فهذه الأوجه التسعة تبين تفاضل الناس فيما يقوم بالقلب واللسان والجوارح، وبالتأمل قد يظهر غيرها.

ثم إن هذه الأوجه التسعة تتلخص في وجهين اثنين هما:

ا- إن الإيمان يتفاضل من جهة أمر الرب.

٢- إن الإيمان بتفاضل من جهة فعل العبد.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "وذلك أن أصل أهل السنة أن الإيمان يتفاضل من وجهين: من جهة أمر الرب، ومن جهة فعل العبد.

أما الأول فإنه ليس الإيمان الذي أمر به شخص من المؤمنين هو الإيمان الذي أمر به كل شخص، فإن المسلمين في أول الأمر كانوا مأمورين بمقدار من الإيمان، ثم بعد ذلك أمروا بغير ذلك، وأمروا بترك ما كانوا مأمورين به كالقبلة، فكان الإيمان في أول الأمر الإيمان بوجوب استقبال بيت المقدس، ثم صار من الإيمان تحريم استقباله ووجوب استقبال الكعبة، فقد تنوع الإيمان في الشريعة الواحدة. وأيضاً فمن وجب عليه الحج والزكاة أو الجهاد يجب عليه من الإيمان أن يعلم ما أمر به ويؤمن بأن الله أوجب عليه ما لا يجب على غيره إلا مجملاً، وهذا يجب عليه فيه الإيمان المفصل، وكذلك الرجل أول ما يسلم إنما يجب عليه الإقرار المجمل، ثم إذا جاء وقت الصلاة كان عليه أن يؤمن بوجوبها ويؤديها، فلم يتساو الناس فيما أمروا به من الإيمان..

<<  <   >  >>