للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والنوع الثاني: هو تفاضل الناس في الإتيان به مع استوائهم في الواجب، وهذا الذي يظن أنه محل النزاع وكلاهما محل النزاع.

وهذا أيضاً يتفاضلون فيه فليس إيمان السارق والزاني والشارب كإيمان غيرهم، ولا إيمان من أدى الواجبات كإيمان من أخل ببعضها، كما أنه ليس دين هذا وبره وتقواه مثل دين هذا وبره وتقواه، بل هذا أفضل ديناً وبراً وتقوى فهو كذلك أفضل إيماناً ... "١.

قلت: وهذه الأوجه ينبغي تأملها وحسن فهمها ليعلم من خلالها مدى مفارقة الطوائف لأهل السنة والجماعة في مسألة زيادة الإيمان ونقصانه، ومقدار مفارقتهم للحق وبعدهم عنه، لأن منهم من يرى أن الإيمان لا يزيد ولا ينقص من أفي وجه، ومنهم من يرى أنه يزيد وينقص من وجه دون وجه، وليس أحد يرى أن الإيمان يزيد وينقص من كافة الأوجه المتقدمة غير أهل السنة والجماعة.

وبه أيضاً يعلم فضل علمهم على علم غيرهم، والفرق بينهم وبين غيرهم، وقوة موافقتهم للحق وإصابتهم له؛ لاعتصامهم بحبل الله وتمسكهم بكتابه واهتدائهم بما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، خلافاً لأهل الأهواء الذين لم يصيروا يعتمدون في دينهم لا على القرآن، ولا على الإيمان الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، فلهذا كان السلف أكمل علماً وإيماناً والموفق من وفق لأتباعهم.


١ الفتاوى (١٣/٥١-٥٥) ، وانظر أيضاً الفتاوى (١٨/ ٢٧٧، ٢٧٨) .

<<  <   >  >>