للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المنعوت بالأسماء الحسنى كلما كانت المعرفة به أتم والعلم به أكمل كانت الخشية له أعظم وأكثر"١.

وقد جمع هدا المعنى أحد السلف في عبارة مختصرة، فقال:"من كان بالله أعرف كان له أخوف"٢.

وقال ابن القيم رحمه الله:"وليست حاجة الأرواح قط إلى شيء أعظم منها إلى معرفة باريها وفاطرها، ومحبته وذكره والابتهاج به، وطلب الوسيلة إليه والزلفى عنده ولا سبيل إلى هذا إلا بمعرفة أوصافه وأسمائه فكلما كان العبد بها أعلم كان بالله أعرف وله أطلب وإليه أقرب، وكلما كان لها أنكر كان بالله أجهل وإليه أكره ومنه أبعد، والله ينزل العبد من نفسه حيث ينزله الجد من نفسه.."، ٣.

فمعرفة الله عز وجل تقوي جانب الخوف والمراقبة، وتعظم الرجاء في القلب، وتزيد في إيمان العبد، وتثمر أنواعاً كثيرة من العبادة، ولا سبيل إلى هذه المعرفة ولا طريق إليها إلا تدبر كتاب الله وما تعرف به سبحانه إلى عباده على ألسنة رسله من أسمائه وصفاته وأفعاله، وما نزه نفسه عنه مما لا يبغي له ولا يليق به سبحانه وتدبر أيامه وأفعاله في أوليائه وأعدائه التي قصها على عباده وأشهدهم إياها ليستدلوا بها على أنه إلههم الحق المبين الذي لا تنبغي العبادة إلا له، ويستدلوا بها على أنه على كل شيء قدير، وأنه بكل شيء عليم، وأنه شديد العقاب وأنه غفور رحيم وأنه العزيز الحكيم، وأنه الفعال لم يريد وأنه الذي وسع كل شيء


١ تفسير ابن كثير (٣/٥٥٣) .
٢ الرسالة القشيرية لأبي القاسم القشيري (ص ١٤١) ، والقائل هو أبو عبد الله أحمد بن عاصم الأنطاكي، انظر ترجمته في السير (١١/ ٤٠٩) .
٣ الكافية الشافية (ص ٣، ٤) .

<<  <   >  >>