للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فرض بعد فرضاً، فكانوا يؤمنون بكل فرض خاص إلى أن تكاملت الفروض وكمل الدين، فكان الإيمان يزيد بزيادة المؤمن به. ثم لما كمل الشرع فلا مجال بعد ذلك لزيادة الإيمان إذ إن هذا لا يتصور في غير عصره صلى الله عليه وسلم١.

والجواب عن هذا أن يقال:

لا ريب في أن الإيمان الذي أوجبه الله على عباده وأمرهم به كان يزيد شيئاً فشيئاً كما أن القرآن الكريم كان يزيد شيئاً فشيئاً إلى أن أتم الله الدين وأكمله وأنزل في بيان ذلك قوله: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسلام دِيناً} ٢.

والإكمال الذي نص عليه في الآية عائد إلى الإيمان الذي هو أمر الرب سبحانه وتعالى حيث إنه سبحانه أمر عباده بالتوحيد ثم الصلاة ثم الصيام ثم الحج، فلم يكن سبحانه قد أنزل تشريعه على عباده جملة واحدة، وإنما أنزله عليهم شيئاً فشيئاً حتى تكامل التشريع.

وليس عائداً على أفعال المكلفين وقيامهم به إذ إن الآية ليس المراد بها أن كل واحد من الأمة وجب عليه ما يجب علي سائر الأمة وأنه فعل ذلك وقام به، وإنما المراد أن الله أكمل التشريع، فالإكمال المشار إليه في الآية عائد إلى المؤمن به.

ولا يلزم من كمال الدين وتمامه من جهة المؤمن به أن يكون الناس متساوين فيما أمروا به من الإيمان، كما فهمه هؤلاء، فإن هذا من


١ انظر شرح العقائد النسفية (ص ١٢٤) ، والنبراس شرح العقائد (ص٤٠٣) إتحاف السادة المتقين (٢/٢٦١) ، تحفة القاري (ص ٤٧) .
٢ سورة المائدة، الآية: ٣.

<<  <   >  >>