أصول غلطهم، فإنهم ظنوا أن الإيمان شيء واحد، وأنه يستوي فيه جميع المكلفين.
وغلطهم في هذا ظاهر، لأن الإيمان الذي أوجبه الله على عباده يتنوع ويتفاضل، وهم يتباينون فيه تبايناً عظيماً، فيجب على الملائكة من الإيمان ما لا يجب على البشر. ويجب على الأنبياء من الإيمان ما لا يجب على غيرهم، ويجب على العلماء من الإيمان ما لا يجب على غيرهم، ويجب على الأمراء ما لا يجب على غيرهم، وليس المراد أنه يجب عليهم من العمل فقط، بل ومن التصديق والإقرار فإن الناس وإن كان يجب عليهم الإقرار المجمل بكل ما جاء به الرسول فأكثرهم لا يعرفون تفصيل كل ما أخبر به، وما لم يعلموه كيف يؤمرون بالإقرار به مفصلاً، وما لم يؤمر به العبد من الأعمال لا يجب عليه معرفته ومعرفة الأمر به، فمن أمر بحج وجب عليه معرفة ما أمر به من أعمال الحج والإيمان بها، فيجب عليه من الإيمان والعمل ما لا يجب على غيره، وكذلك من أمر بالزكاة يجب عليه معرفة ما أمر الله به من الزكاة ومن الإيمان بذلك والعمل به ما لا يجب على غيره، فيجب عليه من العمل والإيمان ما لا يجب على غيره إذا جعل العلم والعمل ليسا من الإيمان، وإن جعل جميع ذلك داخلا في مسمى الإيمان كان أبلغ فبكل حال قد وجب عليه من الإيمان ما لا يجب على غيره١.
فكيف يقال بعد هذا إن زيادة الإيمان غير متصورة ولا مجال لها بعد عصر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهل الإيمان
المأمور به من وجب عليه الحج لوجود الاستطاعة كالإيمان المأمور به من لم يجب عليه الحج لعدم