والجواب عن هذين الأمرين أن يقال: عن الأمر الأول وهو جعلهم الزيادة والنقصان راجعين إلى العمل والقول دون التصديق أن هذا تحكم في النص بلا دليل سوى تصور خاطىء وهو ظنهم أن التصديق متى انخرم منه أدنى شيء بطل الإيمان، وقد سبق الجواب عن هذا بما يشفي ويكفي وذلك بالنقل عن أهل العلم المحققين في أن التصديق يقبل الزيادة والنقصان دون أن يكون قبوله للنقصان يقتضي شكاً أو كفراً كما فهمه هؤلاء، بل إنه يكون تصديقاً دون تصديق وهذا أمر يحسه كل أحد من نفسه فإن تصديق المرء ببعض الأمور يختلف من وقت لآخر قوة وضعفاً بحسب قوة الأدلة والبراهين، فكيف يقال بعد ذلك إن التصديق متى انخرم منه أدنى شيء بطل الإيمان؟.
أما الجواب عن الأمر الثاني وهو حملهم معنى الزيادة والنقصان على أن ذلك إنما يكون من حيث الحكم لا من حيث الصورة أي أنه يرجع إلى الجزاء والثواب والمدح والثناء. فيقال هذا عين التأويل المتقدم في الشبه الثاني قبل هذه والجواب المتقدم هناك جواب على هذا.
٦- ومنها: قول بعضهم الإيمان الشرعي معاهدة التزام الطاعة وعقد على التسليم والانقياد ظاهراً وباطناً، وهو أمر واحد لا يتجزأ ولا يتبعض ولا يقبل الزيادة والنقصان، ولكن هذا العهد والعقد ينسحب على العقائد والأخلاق والأعمال كلها فالعقد واحد والمعقود عليه متعدد فإن أتى بجميع ما التزمه وعقد عليه فعقده وعهده تام وكامل، وإلا فناقص، ومثاله النكاح
١ الإنصاف للباقلاني (ص ٨٧، ٨٨) ، ونقله عنه الكاندهلوي في تحفة القاري (ص ٤٧) .