للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإنه عقد على التزام موجب الزوجية، وهو أمر بسيط لكنه يتضمن جميع حقوق الزوجية، فالنكاح لا يزيد ولا ينقص، وإنما الزيادة والنقصان في وفاء حقوقه، ويشير إلى هذا المعنى قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ} ١، وقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} ٢، فكذلك الإيمان عهد واحد وميثاق بسيط لا زيادة فيه ولا نقصان، وإنما الزيادة والنقصان في الأمور المنطوية تحت هذا الميثاق٣.

قلت: وهذا الكلام مشتمل على تكلف زائد جهد قائله في إبطال دلالة النصوص على زيادة الإيمان ونقصانه حسبما فهمها السلف، وحملها على هذا المعنى المتوعر الذي لم يفقه قبله غيره.

وكلامه مشتمل على أمور باطلة ودعاوى غير صحيحة أوضحها قوله عن الإيمان أنه أمر واحد لا يتجزأ ولا يتبعض ولا يتقبل الزيادة والنقصان. ومعنى لا يتجزأ أي ليس له أجزاء، ويبطل هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم: "الإيمان بضع وسبعون شعبة" الحديث.

ومعنى لا يتبعض أي ليس له أبعاض فإذا ذهب بعضه ذهب كله، ويبطل هذا قوله صلى الله عليه وسلم "يخرج من النار من كان في قلبه أدنى مثقال ذرة من إيمان" الحديث.

وقد تقدم تخريج الحديثين وبيان دلالتهما على زيادة الإيمان ونقصانه بالنقل في ذلك عن أئمة أهل السنة والجماعة.

وكذلك قوله: " ... فكذلك الإيمان عهد واحد وميثاق بسيط لا زيادة


١ سورة الرعد، الآية: ٢٥.
٢ سورة المائدة، الآية: ١.
٣ تحفة القاري (ص ٤٦، ٤٧) .

<<  <   >  >>