للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يصبح جنباً يصوم؟ فقال: "إني لأفعل ذلك ثم أصوم " فقال: إنك لست مثلنا أنت قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك، فقال: "والله إني لأرجو أن أكون أخشاكم لله" ١ وهذا كثير وأشباهه على اليقين.

ودخل عليه شيخ فسأله عن الإيمان فقال: قول وعمل، فقال له يزيد قال: يزيد وينقص. فقال له: أقول مؤمن إن شاء الله؟ قال نعم، فقال له: إنهم يقولون لي: إنك شاك. قال بئس ما قالوا. ثم خرج فقال: ردوه، فقال: أليس يقولون: الإيمان قول وعمل يزيد وينقص، قال: نعم. قال هؤلاء مستثنون، قال له: كيف يا أبا عبد الله؟ قال قل لهم زعمتم أن الإيمان قول وعمل، فالقول قد أتيتم به، والعمل فلم تأتوا به، فهذا الاستثناء لهذا العمل، فقيل له: فيستثنى في الإيمان قال: نعم أقول: أنا مؤمن إن الله شاء الله، استثني على اليقين لا على الشك، ثم قال: قال الله عز وجل: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ} ٢ فقد علم تبارك وتعالى أنهم داخلون المسجد الحرام٣.

قال شيخ الإسلام معلقاً على كلام أحمد هذا منبهاً على ما فيه من فوائد: "فقد بيّن أحمد في كلامه أنه يستثني مع تيقنه بما هو الآن موجود فيه، يقوله بلسانه وقلبه لا يشك في ذلك، ويستثنى لكون العمل من الإيمان وهو لا يتيقن أنه أكمله بل يشك في ذلك، فنفى الشك وأثبت اليقين فيما يتيقنه من نفسه وأثبت الشك فيما لا يعلم وجوده، وبين أن الاستثناء مستحب


١ رواه مسلم في صحيحه (٢/٧٧٩) عن عمر بن أبي سلمة رضي الله عنه وهو صاحب المسألة.
٢ سورة الفتح، الآية: ٢٧.
٣ رواه الخلال في السنة (٣/ ٥٩٥، ٥٩٦) .

<<  <   >  >>