للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ألبتة كما لا يخفى، ومع ذلك فقد أجاب الأشاعرة عن هذا الاعتراض الوارد على قولهم بأن قالوا: إن الاستثناء في الإيمان ليس مثل قول القائل أنا شاب إن شاء الله لأن الشباب ليس من الأفعال المكتسبة ولا مما يتصور عليه البقاء في العاقبة والمآل ولا مما يحصل به تزكية النفس والإعجاب، حاصل الجواب منع استواء الكلامين لأن في الإيمان ثلاثة أمور مصححة للاستثناء غير موجودة في الشباب:

أحدها: أن الشباب ليس من الأفعال الاختيارية فلا يتصور في استثنائه تأدب، لأن التأدب ههنا هو ترك دعوى القدرة والكسب مع وجودهما، بخلاف الإيمان فإنه كسبي اختياري فيجوز فيه التأدب بترك الدعوى.

ثانيها: أن الشباب لا يتصور استمراره على ما جرت به العادة الإلهية فلما لم يكن من الأمور التي تشك في بقائها عاقبة الأمر لم يحسن الاستثناء فيه على سبيل إبهام العاقبة بخلاف الإيمان، لأن العاقبة فيه مبهمة.

ثالثها: أن الشباب ليس من الأعمال الصالحة فلا يتصور فيه الافتخار الذي يتصور في العمل الصالح، فلا يصح فيه، الاستثناء الدافع للافتخار بخلاف الإيمان فإنه رئيس الأعمال الصالحة بل الاستثناء في الإيمان مثل قولك أنا زاهد متق إن شاء الله تعالى؛ لأن الإيمان والزهد والتقوى أعمال: كسبية يتصور بقاؤها، ويكون دعواها مظنة فخر وإعجاب فكما أن الاستثناء يجوز في الزهد والتقوى إجماعاً فكذا في

<<  <   >  >>