للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإيمان١.

ولا شك أنه بهذا الجواب يندفع اعتراض هؤلاء بتسوية الإيمان والشباب في عدم جواز الاستثناء فيهما، وأوجه هذه الأجوبة وأصوبها عندي ثالثها وهو يتطابق مع مراد السلف ومقصودهم بالاستثناء في الإيمان إلا أنه لم ينص فيه على أن الأعمال من الإيمان.

٢- ادعاؤهم أن الاستثناء فيه إيهام الشك في الإيمان فينبغي صون الكلام عنه٢.

ونقل عن أبي حنيفة أنه قال: المؤمن حقاً والكافر حقاً لا شك في الإيمان كما لا شك في الكفر، والاستثناء يدل على الشك، ولا يجوز الشك في الإيمان للإجماع على أن من قال: آمنت إن شاء الله أو آمنت بالملائكة أو بالكتب أو بالرسل إن شاء الله يكون كافراً. ٣

قلت: والكلام على هذه الشبهة سبق مستوفى- بحمد الله- عند بيان مآخذ السلف في الاستثناء، وأن الاستثناء لا يقتضي الشك، وسبق هناك من نصوص الشرع وأقوال أهل العلم ما يكفي في دفع هذا، مثل قول الله تعالى {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ} ٤ وقوله صلى الله عليه وسلم في أصحاب القبور "وإنا إن شاء الله بكم لاحقون" ٥ وغير ذلك من النصوص الكثيرة الدالة على أن الاستثناء قد يكون على اليقين ولا يقتضي


١ انظر النبراس شرح العقائد (ص ٤٢٠، ٤٢١) .
٢ انظر تحفة القاري (ص ٥٢) .
٣ انظر بحر الكلام (ص ٤٠) والروضة البهية (ص ١٠) .
٤ سورة الفتح، الآية: ٢٧.
٥ تقدم تخريجه (ص ٤٧٣) .

<<  <   >  >>