للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شكاً ولا ريباً.

ثم فرق بين قول الرجل: أنا مؤمن أو مؤمن حقا، وبين قوله: آمنت بالله، أو أشهد ألا إله إلا الله، أو أشهد أن محمداً رسول الله، لأن المراد بهذه الأمور الأخيرة أصل الإيمان وأساسه وهذا لا استثناء فيه، وأما المراد بأنا مؤمن حقاً كمال الإيمان وتمامه وهذا لا بد من الاستثناء فيه، وإلا يكون غير المستثني في هذا مزكياً لنفسه شاهداً بأنه في الجنة، وهذا لا يدعيه أحد.

٣- قولهم: إن الاستثناء، تعليق والتعليق لا يتصور إلا فيما يتحقق بعد كما قال تعالى: {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً * إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} ١. وأما إذا تحقق كالماضي والحال فيمتنع تعليقه.

٤- وقولهم: إن الاستثناء يرفع العقود جميع العقود نحو الطلاق والعتاق والنكاح والبيع، فكذلك يرفع عقد الإيمان٢.

قلت: وقد ذكر شيخ الإسلام هاتين الشبهتين وأجاب عنهما جواباً وافياً كافياً ولأهمية كلامه رحمه الله فإني أسوقه بحروفه مع حذف شيء يسير منه، قال: "وقد علل تحريم الاستثناء فيه بأنه لا يصح تعليقه على الشرط؛ لأن المعلق على الشرط لا يوجد إلا عند وجوده، كما قالوا في قوله: أنت طالق إن شاء الله. فإذا علق الإيمان بالشرط كسائر المعلقات بالشرط لا يحصل إلا عند حصول الشرط.

قالوا: وشرط المشيئة الذي يترجاه القائل لا يتحقق حصوله إلى يوم


١ سورة الكهف، الآية: ٢٣.
٢ انظر التوحيد لأبي منصور الماتريدي (ص ٣٨٨) ، وبحر الكلام (ص٤٠) ، والنبراس (ص ٤١٨) ، والجوهرة المنيفة (ص ٥) ، والروضة البهية (ص١٠) .

<<  <   >  >>