للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يعرِف مواضع الماء ومواقع الغيث فهو على جمع الماء الكثير أحْرصُ من البَدوي العارف بالمناقِع والأحْساء. وقال ابن الروميّ: [مِنْ الخفيف]

مِنْ مُدامٍ كأنَّها دَمْعَةُ ... المَهجُورِ يَبْكي وعَيْنُهُ مَرْهاءُ.

فَشَبَّهها بدمعة المهجور في الرِّقَّةِ وزاد في الرَّفَّة بأن وصف عينه بالمَرَه وهو طول العهد بالكحل لِيكون الدَّمع مع رِقَّتِهِ أصْفى وأسلم مما يَشوبُهُ وهذا من لطائف الشعراء.

[الفصل الحادي والتسعون: في الجمع الذي ليس بينه وبين واحده إلا الهاء.]

هذا الجمع يذكَّر ويؤنث وهو كقولهم: تَمرٌ وتَمْرَةٌ وسحاب وسحابة وصَخرٌ وصَخْرَةٌ وروضٌ وروضَةٌ وشَجَرٌ وشَجَرةٌ ونَخلٌ ونَخلَةٌ. وفي القرآن العزيز: {وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ} ١ وقال تعالى: {إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا} ٢ وقال: {وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} ٣ فذكَّر. وقال في مكان آخر: {حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَاباً} ٤ فأنَّث ثم قال: {سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ} ٥ فردّه إلى أصل التذكير.

[الفصل الثاني والتسعون: في التصغير.]

من سنن العرب: تصغير الشيء على وجوه:. فمنها: تصغيره تحقيره كقولهم: رُجَيل ودُوَيرَة. ومنها: تصغير تكبير كقولهم: عُيَيْرُ وحْدِهِ وجُحَيْشُ وحدِهِ وكقول الأنصاري: أنا جُذَيْلُها٦ المُحَكَّكُ وعُذَيْقُها المُرَجَّبُ. وكقول لبيد: [من الطويل]

وكلُّ أناسٍ سَوْفَ تَدْخُلُ بَيْنَهُمْ ... دُوَيْهِيَهٌ تَصْفَرُّ مِنْها الأنامِلُ.

ومنها: تصغير تنقيص كما يقال: لم يبق من بيت المال إلا دُنَيْنيرَات ومن بني فلان إلا بُيَيْت. ومنها: تصغير تقريب كقول امرؤ القيس: [من الطويل]

ضليع إذا ما استدبرته سد فرجه ... بِضافٍ فُوَيْقَ الأرضِ لَيْسَ بِأعْزَلِ.

وكقولك: أنا راحلٌ بُعَيدَ العيد وجاءني فلان قُبَيلَ الظُّهر. ومنها: تصغير إكرام ورحمة


١ سورة قّ: الآية ١٠.
٢ سورة البقرة الآية: ٧٠.
٣ سورة البقرة الآية: ١٦٤.
٤ سورة الأعراف الآية: ٥٧.
٥ سورة الأعراف الآية: ٥٧.
٦ جذل جمع أجذال عود ينصب للجزي لتحتك به ومنه هذا القول وهو تصغير تعظيم القاموس ١٢٦١.

<<  <   >  >>