للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكقول البحتري: [من البسيط]

وأمَّةٌ كان قُبْحُ الجَوْرِ يُسْخِطها ... دَهراً فأصْبَحَ حُسْنُ العَدْلِ يُرْضيها.

الفصل السابع والتسعون: في الكناية عما يُستقبح ذكره بما يستحسن لفظه.

هي من سنن العرب. وفي القرآن: {وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ} ١ أي فُرُوجَهم. وقال تعالى: {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} ٢ فكنى عن الحدث. وقال تعالى: {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} ٣ وقال عزّ وجلّ: {فَلَمَّا تَغَشَّاهَا} ٤ فكنى عن الجِماع والله كريم يكني. وقال النبي صلى الله عليه وسلم لِقائد الإبل التي عليها نِساؤه: "رِفْقاً بالقَوارير" ٥ فكنى عن الحُرَم. وقال عليه الصلاة والسَّلام: "اتقوا المَلاعِنَ" ٦ أي لا تُحْدِثوا في الشَّوارع فَتُلْعَنوا. ومن كنايات البُلَغاء: بِهِ حاجَةٌ لا يَقْضيها غَيرُه كناية عن الحدث. وذكر ابن العميد مُحْتَشِما حلَفَ بالطَّلاق فقال: آلى يميناً ذكرَ فيها حرائره. وذكر ابن مُكرَّم سائلاً فقال: هو من قرَّاء سورة يوسف يعني أنَّ السُّؤال يستكثرون من قراءة هذه السورة في الأسواق والمجامع والجوامع وكنى ابن عائشة عمَّن به الأبْنَة بقوله: هو غراب يعني أنَّه يواري سَوءَةَ أخيه. وكنّى غيره عن اللقيط: بتربية القاضي. وعن الرَّقيب: بثاني الحبيب. وكان قابوس بن وشْمِكير إذا وصف رجلاً بالبلَه قال: هو من أهل الجنَّة يعني قول النبي صلى الله عليه وسلم: " أكثر أهل الجنَّة البُله "٧. ومن كناياتهم عن موت الرُّؤساء والأجِلَة والملوك: انتَقَلَ إلى جِوارِ رَبِّه استأثَرَ الله به.

[الفصل الثامن والتسعون: في الإلتفات.]

هو أن تذكر الشيء وتتمَّ معنى الكلام به ثم تَعودَ لذكْره كأنَّك تلتَفِتُ إليه كما قال أبو


١ سورة فصلت الآية: ٢١.
٢ سورة النساء الآية: ٤٣.
٣ سورة البقرة الآية: ٢٢٣.
٤ سورة الأعراف الآية: ١٨٩.
٥ أخرجه أحمد ٣/١١٧ ومسلم ٢٣٢٣ ٧٢ والبغوي ١٣/١٥٧, ١٥٨.
٦ تقدم تخريجه.
٧ باطل أخرجه ابن عدي في الضعفاء ٣/٣١٣ والبيهقي في الشعب ١٣٦٨, و ١٣٦٨ والبزار كما في المجمع ٨/٧٩ من حديث أنس وأسناده ضعيف لضعف سلامة بن رواح أعله ابن عدي به قال إنه منكر وقال الهيثمي وثقه ابن حبان وغيره وضعفه أحمد بن صالح وغيره.
انظر الجامع لأحكام القرآن ٤٧٤١ ط دار الكتاب العربي.

<<  <   >  >>