أطوار الحياة، ولا يمكن أن تكون حياة أحد كائناً من كان مثالاً يحتذى به إلا إذا توافر لها عنصران: أولهما: الدقة والصحة في نقل تفاصيل تلك الحياة، والآخر: أن يكون صاحبها متصفاً بالكمال في جميع جوانب حياته.
وهذان الأمران لم يتوافرا لأحد في التاريخ البشري المدون كما توافرا لنبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم. وحياة رسولنا الأعظم صلى الله عليه وسلم من ميلاده إلى ساعة وفاته معلومة للذين عاصروه وشاهدوه، وحفظها التاريخ عنهم لمن بعدهم، ومعلومةٌ تفاصيل حياته صلى الله عليه وسلم، ليلها كنهارها.
ولكن التدوين الكامل ما قدَّره الله إلا لسيرة آخر المرسلين وخاتم النبيين محمد صلى الله عليه وسلم، أما غيره من الأنبياء فلم تكن سيرتهم مدونة ولا خالدة ولا محفوظة؛ لأنهم قد أُرسلوا إلى أممهم في عهدهم، والذي سُجِّل في القرآن والسنة من ذلك قليل من كثير.
والذين ألَّفوا في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم من عهد الرسالة إلى يومنا هذا في مختلف البلاد الإسلامية والأجنبية في معظم لغات العالم، يعدُّون بالألوف، ولا يزالون ماضين في التأليف فيها.
بل نحن نجد جماعة من المؤلفين في الهند نفسها من الهنادك والسيخ وغيرهم من الذين لا يؤمنون بنبوته صلى الله عليه وسلم ولا يوقنون برسالته، وكذلك الأوربيون الذين لا يدينون بالإسلام، ولا يؤمنون بالرسالة المحمدية، ألَّفوا في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم مؤلفات، منهم المنصرون والمستشرقون، وتبلغ