للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وغيرهم الفرصة، ورأوا أن هذه الواقعة فيها فتح عظيم لمذهب النصارى، فادّعوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تعلم من الراهب بحيرا، ولقنه الأسرار وتعاليم التوحيد في هذا اللقاء القصير.

إن علماء الغرب يَعتدُّون بصحة هذه الرواية، مع أن الرواية -لو صحت- خالية من ذكر التعليم والتلقين، وما قاله علماء الغرب لا يقوله عاقل رُزق من سلامة العقل والإنصاف ذرة، وكيف يعقل أن غلاماً لا يتجاوز عمره اثنتي عشرة سنة على الأكثر أو تسع سنوات على الأصح، تلقى من شيخ لا يعرف لغته، ولم يجلس إليه إلا ما يستغرقه وقت الجلوس على المائدة، المسائل الدقيقة والتفاصيل العميقة في نقد عقيدة الشرك!؟

وانتقد العلامة شبلي صحة هذه القصة وقال: إنها مرسلة إن كان من روى هذه القصة من الصحابة (١) . وقال الترمذي (٢) بعدما روى هذا الحديث: "حسن غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه".

ومن الرواة عبد الرحمن بن غزوان، وقد تكلم فيه أكثر أهل العلم وقال الذهبي (٣) : كان يروي الأحاديث المنكرة، وأشدها نكارة الرواية التي جاءت فيها قصة بحيرا.

وأخرج الحاكم هذا الحديث، وقال: "صحيح على شرط الشيخين"، وعلق عليه الذهبي في "تلخيص المستدرك" (٤) وقال: "موضوع، وعبد الرحمن واهٍ".

ومما يقدح في هذا الحديث: أنه جاء فيه أن أبا طالب أرسل رسول الله


(١) لابد من بيان أن مراسيل الصحابة حجة عند المحدثين والفقهاء.
(٢) "سنن الترمذي" (٣٢٦٠) .
(٣) "ميزان الاعتدال" (٣/٥٨١) .
(٤) (٢/٦١٥) .

<<  <   >  >>