للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يقم ولم يركع ولم يسجد، وكم من قصي هناك في المكان، لكنه حاضر هنا في البيت في كل آن!.

كم من بائت في منى، لكنه بغير منى، أو ما نال المنى!.

وكم من واقف بعرفة، لكنه بغير معرفة! "١".

فهل يقف الحاج مع نفسه وقفة محاسبة وأوبة وتوبة؛ فيؤدي مناسك الحج وهو يرجو المغفرة والقبول، ويخاف محاسبة الله له وعدم القبول؛ فيقف مواقف الحج بقلبه وجسمه، لا بجسمه فقط!.

وعندئذ يعود من حجه عودا حميدا؛ إذ يعود بحج مقبول وذنب مغفور، ويعود وقد تبصر في دينه، وفي معرفته لحدوده، وعرف الله حقا، واستمسك بالعروة الوثقى، عروة التوحيد والإيمان؛ فيرجع خيرا مما ذهب؛ وتكون رحلة الحج رحلة العمر التي لا تنسى، والرحلة التي لها ما بعدها في حياة الإنسان.

اللهم وفق الحجاج والمعتمرين إلى معرفة الإسلام حق المعرفة، وإلى اليقين والإيمان اللذين لا شرك ولا شك معهما، وإلى الاستمساك بهدايات هذا


"١" قال الإمام ابن العربي: ""أما بعد: فإن الداخل في طلب العلم كثير، والسعيد قليل، وعدم الإنصاف خطب جليل، وكم حاضر بعرفة من غير معرفة، ونازل بمنى وما نال منى، وكم قارئ في بغداد خرج وما ظفر بزاد ... جميعهم يأمل الغاية وما حصل عليها، ويقصد النهاية وما انتهى إليها، فقد خلع ثياب الوطن، واستظهر على الغربة، واستوطن يجتهد بزعمه وهو لا يعلم كيف؟ ولا أين؟ يرجع بعد طول المغيب بخفي حنين"". قانون التأويل، لابن العربي المالكي: ٦٤٥-٦٤٦. الحاشية، نقلا عن شواهد الجلة لابن العربي.

<<  <   >  >>