للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

رابعاً: دلالة الحس على وجود الله عز وجل

دل الحس على وجود الله، فإن الإنسان يدعو الله عز وجل، يقول: يا رب! ويدعو بالشيء، ثم يستجاب له فيه، وهذه دلالة حسية، هو نفسه لم يدع إلا الله، واستجاب الله له، رأى ذلك رأي العين. وكذلك نحن نسمع عمن سبق وعمن في عصرنا، أن الله استجاب لهم. فالأعرابي الذي دخل والرسول صلى الله عليه وسلم يخطب الناس يوم الجمعة قال: هلكت الأموال، وانقطعت السبل فادع الله يغيثنا قال أنس: والله، ما في السماء من سحاب ولا قزعة (أي: قطعة سحاب) وما بيننا وبين سلع (جبل في المدينة تأتي من جهته السحب) من بيت ولا دار. وبعد دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم فوراً خرجت سحابة مثل الترس، وارتفعت في السماء وانتشرت ورعدت، وبرقت، ونزل المطر، فما نزل الرسول صلى الله عليه وسلم إلا والمطر يتحادر من لحيته عليه الصلاة والسلام). (١) وهذا أمر واقع يدل على وجود الخالق دلالة حسية. وفي القرآن الكثير من الأدلة على ذلك منها قوله تعالى: {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَه .. ا} لآية [الأنبياء: ٨٣ - ٨٤]. (٢)

ومن الادلة الحسية كذلك على وجود الله عز وجل هو مشاهدة معجزات الأنبياء، فإنها تدل على أن مرسلهم موجود سبحانه وتعالى، وفي القرآن الكريم ما يؤيد دلالة المعجزة على إثبات وجود الخالق سبحانه وتعالى، وذلك في المحاورة التي وقعت بين موسى عليه السلام وفرعون الجاحد لرب العالمين حيث قال الله تعالى: {قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إنْ كُنتُمْ مُوقِنِينَ*قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلَا تَسْتَمِعُونَ*قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمْ الأَوَّلِينَ*قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمْ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ*قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ*قَالَ لَئِنْ اتَّخَذْتَ إِلَهَاً غَيْرِي لأَجْعَلَنَّكَ مِنْ الْمَسْجُونِينَ*قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ*قَالَ فَأْتِ بِهِ


(١) رواه البخاري برقم (٩٣٣)، ومسلم برقم (٨٩٧)
(٢) شرح العقيدة الواسطية، محمد بن صالح العثيمين، دار ابن الجوزي، الطبعة الثانية، ١٤١٥ هـ الدمام، (١/ ٥٦).

<<  <   >  >>