للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

٢ - دليل العناية والاتقان: عناية الله تعالى بعباده بإرسال الرسل دليل على وجوده سبحانه، فإن ما جاءت به الرسل من شرائع الله تعالى المتضمنة لجميع ما يصلح الخلق يدل على أن الذي أرسلهم بها رب رحيم حكيم، ولا سيما هذا القرآن المجيد الذي أعجز البشر والجن أن يأتوا بمثله. (١) يقول الله سبحانه وتعالى مبيناً إرساله الرسل إلى عباده: (إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَإِنْ مِّنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ) [فاطر: ٢٤]. قال ابن كثير رحمه الله: وما من أمة خلت من بني آدم إلا وقد بعث الله إليهم النذر، وأزاح عنهم العلل ". (٢)

ولا شك أن النظر والتدبر في السموات والأرض وما بينهما من المخلوقات، وما فيها من فعل معجز وتدبير محكم وعناية واتقان؛ يدل بوضوح على وجود الرب الخالق الحكيم؛ الذي أتقن كل شيء خلقه، يقول الله جل وعلا مبيناً هذا الاتقان: {لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} [يس: ٤٠].

وقد وردت آيات كثيرة تشير إلى هذا المعنى؛ ومنها قوله تعالى: {أَلَمْ نَجْعَلْ الأَرْضَ مِهَادًا وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا} [النبأ: ٦ - ٨]، وقوله تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا} [الفرقان: ٦١] وقوله تعالى: {أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ وَإِلَى الأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ ([الغاشية: ١٧ - ١٩]. " وهذه الآيات تدل على الحث على التفكر في مخلوقات الله تعالى الدالة على توحيده سبحانه، فإذا تم توحيده، لزم الإقرار بوجوده سبحانه. (٣)


(١) شرح العقيدة الواسطية، محمد العثيمين، دار ابن الجوزي، الطبعة السادسة، ١٤٢١ هـ، الدمام (٣٢ - ٣٣).
(٢) تفسير القرآن العظيم، اسماعيل بن كثير الدمشقي، دار الفيحاء- دمشق، دار السلام- الرياض، الطبعة الأولى، ١٤١٤ هـ، (٣/ ٧٢٩).
(٣) تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، عبد الرحمن بن ناصر السعدي، تحقيق: عبد الرحمن بن معلا اللويحق، الطبعة الأولى، ١٤٢١ هـ، مؤسسة الرسالة، بيروت، (٩٠٦، ٩٢٢).

<<  <   >  >>