للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

صدقه؛ فهو مكذب به، قال القاضي عياض رحمه الله بعد أن ذكر بعض المكفرات -: " وكذلك من أضاف إلى نبينا صلى الله عليه وسلم تعمد الكذب فيما بلغه وأخبر به، أو شك في صدقه، أو سبه، فهو كافر بإجماع " (١).

ولذلك يرى السلف رحمهم الله أن من قال: لا إله إلا الله لا يدخل الجنة إلا إذا قالها غير شاك بها، وإنما متيقناً معتقداً بقلبه. (٢) والشك في وجود الله من المسلم ردة عن الإسلام، فإن "الردة قد تكون بالقول أو الفعل أو الاعتقاد، فمن اعتقد عدم وجود الله عز وجل أو شك في ذلك فإنه مرتد خارج من الإسلام" (٣).

٢ - جواب السلف على من احتج بشك الأنبياء

فيما تقدم تبين اعتقاد السلف في حكم من شك في وجود الله تعالى، ونظراً لأن هناك من يحتج بما حصل من بعض الأنبياء من شك كما ذكره الله تعالى عنهم كإبراهيم، ولوط، ويوسف عليهم السلام (٤)، فإن هذه الحجة ليست صحيحة وهي داحضة ولا يلتفت إليها، وذلك لأن جميع الأنبياء قد زكاهم الله تعالى في كتابه الكريم في آيات كثيرة؛ منها قوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا} [٥٨]، وأما قول إبراهيم عليه السلام كما أخبر الله تعالى عنه: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} [البقرة: ٢٦٠]. فقد ذكر أهل


(١) الشفا، القاضي عياض، (٢/ ٦٠٨).
(٢) كتاب الإيمان، ابن مندة، (١/ ٢١٢ - ٢٢٧).
(٣) العذر بالجهل تحت المجهر الشرعي، مدحت بن الحسن ال فراج، مكتبة الرشد، ط ٦، ١٤٢٨ هـ، الرياض، ص: (٢٠٦).
(٤) كتاب الإيمان، ابن مندة، مرجع سابق (١/ ٤٨٨ - ٤٨٩).

<<  <   >  >>