للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فِيهِمَا، إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ (١). وبما ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أُوحِيَ إِلَيَّ: أَنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِي قُبُورِكُمْ، يُقَالُ: مَا عِلْمُكَ بِهَذَا الرَّجُلِ؟ فَأَمَّا المُؤْمِنُ أَوِ المُوقِنُ فَيَقُولُ: هُوَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّه ِ، جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَالهُدَى، فَأَجَبْنَا وَاتَّبَعْنَا، هُوَ مُحَمَّدٌ ثَلَاثًا، فَيُقَالُ: نَمْ صَالِحًا قَدْ عَلِمْنَا إِنْ كُنْتَ لَمُوقِنًا بِهِ، وَأَمَّا المُنَافِقُ أَوِ المُرْتَابُ فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي، سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ شَيْئًا فَقُلْتُهُ) (٢). فسبب الكفر هنا هو الشك فالحديث الأول دل على أن من شروط لا إله إلا الله؛ اليقين المنافي للشك (٣)، وأما الحديث الثاني فيدل على يقين المؤمن بشهادة أن محمداً رسول الله، إذا يقال له: (قد علمنا إن كنت لموقناً به، وأما المنافق فهو شاك محتار؛ ولذلك يقول: (سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته). ويدل على ذلك أيضاً حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ عن الميت: (وَيُجْلَسُ الرَّجُلُ السُّوءُ فِي قَبْرِهِ، فَزِعًا مَشْعُوفًا، فَيُقَالُ لَهُ: فِيمَ كُنْتَ؟ فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي، فَيُقَالُ لَهُ: مَا هَذَا الرَّجُلُ؟ فَيَقُولُ: سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ قَوْلًا، فَقُلْتُهُ، … إلى أن قال عليه الصلاة والسلام: فَيُقَالُ لَهُ: هَذَا مَقْعَدُكَ، عَلَى الشَّكِّ كُنْتَ، وَعَلَيْهِ مُتَّ، وَعَلَيْهِ تُبْعَثُ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى). (٤)

ومن الأدلة كذلك على كفر من شك بالله تعالى، هو عدم اليقين بما جاء في كتاب الله تعالى، فإن ذلك تكذيب للقرآن الكريم الذي هو كلام الله تعالى، ومن كذب الله تعالى فلا شك في كفره. (٥) والنبي صلى الله عليه وسلم هو المبلغ عن ربه عز وجل فمن شك في


(١) رواه مسلم في كتاب الإيمان، باب مَنْ لَقِي اللَّهَ بِالْإِيمَانِ وَهُو غَيْرُ شَاكٍّ فِيهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ وَحُرِّمَ عَلَى النَّارِ (٢٧).
(٢) رواه البخاري في كتاب العلم، باب من أجاب الفتيا بإشارة اليد والرأس، حديث رقم (٨٦)، ورواه مسلم في كِتَاب الْمَسَاجِدِ وَمَوَاضِعِ الصَّلَاةَ، بَابُ اسْتِحْبَابِ التَّعَوُّذِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، حديث رقم (٩٦٣).
(٣) ذكر أهل العلم أن ل لاإله إلا الله سبعة شروط وهي: (العلم ـ اليقين – الإخلاص – الصدق – المحبة – الانقياد – القبول (معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول، حافظ بن أحمد حكمي، الطبعة الثالثة، دار ابن القيم، ١٤١٥ هـ، الدمام، ١/ ٣٢).
(٤) رواه ابن ماجة (٤٢٦٨) وصححه الألباني في " صحيح ابن ماجة ".
(٥) شرح السنة، حسن بن علي بن خلف البربهاري، ط ١، دار الآثار، ١٤٢٩ هـ، القاهرة، ص: (٤٥٥).

<<  <   >  >>