للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

تقوم فتحدث، ثم تمنى أمنية أخرى على شكّ منه، فقال: (وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي) فرجعت إليه، وهو غير موقن أنه راجع إليه " (١)

ومن الأدلة الواضحة كذلك على كفر من شك في وجود الله عز وجل قول الله سبحانه وتعالى: {قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} [إبراهيم: ١٠]، قال ابن كثير: أفي الله شك؟ وهذا يحتمل شيئين؛ أحدهما؛ أفي وجوده شك، إن الفطر شاهدة بوجوده، ومجبولة على الإقرار به، فإن الاعتراف به ضروري في الفطر السليمة، ولكن قد يعرض لبعضها شك واضطراب، فتحتاج إلى النظر في الدليل الموصل إلى وجوده; ولهذا قالت لهم الرسل ترشدهم إلى طريق معرفته بأنه (فاطر السماوات والأرض) الذي خلقها وابتدعها على غير مثال سبق، فإن شواهد الحدوث والخلق والتسخير ظاهر عليها، فلا بد لها من صانع، وهو الله لا إله إلا هو، خالق كل شيء وإلهه ومليكه.

والمعنى الثاني في قولهم: (أفي الله شك) أي: أفي إلهيته وتفرده بوجوب العبادة له شك، وهو الخالق لجميع الموجودات، ولا يستحق العبادة إلا هو، وحده لا شريك له; فإن غالب الأمم كانت مقرة بالصانع، ولكن تعبد معه غيره من الوسائط التي يظنونها تنفعهم أو تقربهم من الله زلفى " (٢).

والسلف رحمهم الله لا يفرقون بين من شك في الله، أو في الملائكة، أو في الرسل، أو في البعث، أو في الجنة، أو في النار، أو في شيء مما بلغه عن خبر الله وخبر رسوله صلى الله عليه وسلم: فيقولون هو كافر، ويستدلون على ذلك بما رواه أبِي هُرَيْرَةَ، عن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: (أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ، لَا يَلْقَى اللهَ بِهِمَا عَبْدٌ غَيْرَ شَاكٍّ


(١) جامع البيان عن تأويل آي القران، محمد بن جرير الطبري، تحقيق: أحمد عبد الرزاق البكري وآخرون، دار السلام، الطبعة الأولى، ١٤٢٥ هـ، القاهرة (٧/ ٥٣٥٠).
(٢) تفسير القران العظيم، ابن كثير، (٢/ ٦٩١).

<<  <   >  >>