والإجتهاد في عشر ذي الحجة بالصوم والذكر والإجتهاد في العبادات وشاركوهم في حصول المغفرة وفي التقرب إلى الله تعالى بإراقة دماء الأضاحي فشاركوهم في أعيادهم واشترك الجميع في الراحة في أيام الأعياد بالأكل والشرب كما اشتركوا جميعا في أيام العشر في الإجتهاد في الطاعة والنصب وصار المسلمون كلهم في ضيافة الله عز وجل في هذه الأيام يأكلون من رزقه ويشكرونه على فضله.
ونهوا عن صيامهم لأن الكريم لا يليق به أن يجيع أضيافه فكأنه قيل للمؤمنين في هذه الأيام قد فرغ عملكم الذي عملتموه فما بقي لكم إلا الراحة فهذه الراحة بهذا كالتعب كما أريح الصائمون لله شهر رمضان بأمرهم بإفطار يوم عيد الفطر ويؤخذ من هذا إشارة إلى حال المؤمنين في الدنيا فإن الدنيا كلها أيام سفر كأيام الحج وهو زمان إحرام المؤمن عما حرم عليه من الشهوات فمن صبر في مدة سفره على إحرامه وكف عن الهوى فإذا انتهى سفر عمره ووصل إلى منى المنى فقد قضى تفثه ووفى نذره فصارت أيامه كلها كأيام منى أيام أكل وشرب وذكر الله عز وجل وصار في ضيافة الله عز وجل في جواره أبد الأبد ولهذا يقال لأهل الجنة:{كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}[الطور:١٩]{كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ}[الحاقة:٢٤] وقد قيل: إنها نزلت في الصوام في الدنيا.
وقد صمت عن لذات دهري كلها ... ويوم لقاكم ذاك فطر صيامي
من صام اليوم عن شهواته أفطر عليها غدا بعد وفاته ومن تعجل ما حرم عليه من لذاته عوقب بحرمان نصيبه من الجنة وفواته شاهد ذلك من شرب الخمر في الدنيا لم يشربها في الآخرة ومن لبس الحرير لم يلبسه في الآخرة.
أنت في دار شتات ... فتأهب لشتاتك
واجعل الدنيا كيوم ... صمته عن شهواتك
وليكن فطرك عند الله ... في يوم وفاتك
قال الله تعالى:{وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}[يونس:٢٥] الجنة ضيافة الله أعدها للمؤمنين نزلا فيها ما لا عين رأت ولا أذن.