الصحابة عمر وعلي وعبد الرحمن بن عوف وأبو موسى وقيس بن سعد وابن عباس وغيرهم ويدل على بقاء استحبابه قول ابن عباس رضي الله عنهما: لم أر رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم يوما يتحرى فضله على الأيام إلا يوم عاشوراء وشهر رمضان وابن عباس إنما صحب النبي صلى الله عليه وسلم بآخرة وإنما عقل منه صلى الله عليه وسلم من آخر أمره.
وفي صحيح مسلم عن أبي قتادة أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن صيام عاشوراء؟ فقال:"أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله" وإنما سأله عن التطوع بصيامه فإنه سأله أيضا عن صيام يوم عرفة وصيام الدهر وصيام يوم وفطر يوم وصيام يوم وفطر يومين فعلم أنه إنما سأله عن صيام التطوع وخرج الإمام أحمد والنسائي من حديث حفصة بنت عمر أم المؤمنين رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يدع صيام يوم عاشوراء والعشر وثلاثة أيام من كل شهر وخرجه أبو داود إلا أن عنده عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم غير مسماة.
الحالة الرابعة: أن النبي صلى الله عليه وسلم عزم في آخر عمره على أن لا يصومه مفردا بل يضم إليه يوما آخر مخالفة لأهل الكتاب في صيامه ففي صحيح مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال حين صام رسول الله صلى الله عليه وسلم عاشوراء وأمر بصيامه قالوا: يا رسول الله إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فإذا كان العام المقبل إن شاء الله صمنا اليوم التاسع" قال: فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي رواية له أيضا عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع مع العاشر" يعني عاشوراء وخرجه الطبراني ولفظه "إن عشت إلى قابل صمت التاسع مخافة أن يفوتني عاشوراء".
وفي مسند الإمام أحمد عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"صوموا يوم عاشوراء وخالفوا اليهود صوموا قبله يوما وبعده يوما" وجاء في رواية: "أو بعده" فإما أن تكون "أو" للتخير أو يكون شكا من الراوي: هل قال قبله أو بعده وروي هذا الحديث بلفظ آخر وهو: "لئن بقيت لآمرن بصيام يوم قبله ويوم بعده" يعني عاشوراء وفي رواية أخرى: "لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع ولآمرن بصيام يوم قبله ويوم بعده" يعني عاشوراء أخرجهما الحافظ أبو موسى المديني.
وقد صح هذا عن ابن عباس من قوله من رواية ابن جريج قال: أخبرنا عطاء أنه سمع ابن عباس يقول في يوم عاشوراء: خالفوا اليهود صوموا التاسع والعاشر قال الإمام أحمد أنا أذهب إليه.