للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقلوب العباد بين اصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف شاء ويوعيها ما أراد، وخلق آدم بيده على صورته، والسموات والأرض يوم القيامة في كفه، ويضع قدمه في النار فتنزوي، ويخرج قوماً من النار بيده، وينظر إلى وجهه أهل الجنة يرونه فيكرمهم ويتجلى لهم، وتعرض عليه العباد يوم القيامة ويتولى حسابهم بنفسه ولا يلي ذلك غيره عز وجل.

والقرآن كلام الله تكلم به ليس بمخلوق. فمن زعم أن القرآن مخلوق فهو جهمي كافر، ومن زعم أن القرآن كلام الله ووقف فلم يقل ليس بمخلوق فهو أخبث من القول الأول، ومن زعم أن ألفاظنا وتلاوتنا مخلوقة والقرآن كلام الله فهو جهمي.

وكلم الله موسى تكليما منه إليه وناوله التوراة من يده إلى يده ولم يزل الله عز وجل متكلما، والرؤيا من الله، وهي حق، إذا رأى صاحبها في منامه ما ليس أضغاثاً فقصها على عالم وصدق ولم يحرف فيها تأولها العالم على أصل تأويلها الصحيح وتأويلها حينئذ حق، وكانت الرؤيا من الأنبياء وحيا، فأي جاهل أجهل ممن يطعن في الرؤيا ويزعم أنها ليست بشيء؟ وبلغني أن من قال هذا القول لا يرى الاغتسال من الاحتلام.

وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: "ان رؤيا المؤمن كلام يكلم به الرب عبده –وقال- إن الرؤيا من الله"، وذكر محاسن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم والكف عن مساويهم التي شجرت بينهم، فمن سب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أو واحداً منهم أو تنقصه، أو طعن عليهم أو عرض بعيبهم أو عاب أحد منهم فهو مبتدع رافضي خبيث لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً بل حبهم سنة والدعاء لهم قربة، والإقتداء بهم وسيلة، والأخذ بآثارهم فضيلة.

وأفضل الأمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم أبو بكر وعمر وبعد عمر عثمان وعلي ووقف قوم على عثمان، وهم خلفاء راشدون مهديون، ثم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هؤلاء الأربعة لا يجوز لأحد أن يذكر شيئاً من مساوئهم، ولا يطعن على أحد منهم بعيب ولا نقص فمن فعل ذلك فقد وجب على السلطان تأديبه وليس له أن يعفو عنه، بل يعاقبه ويستتيبه فإن تاب قبل منه، وإن لم يتب أعاد عليه العقوبة ويدخله الحبس حتى يتوب ويرجع.

ويعرف للعرب حقها وسابقتها وفضلها ويحبهم لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "حب العرب من الإيمان وبغضهم نفاق" ولا يقول بقول الشعوبية وأراذل الموالي الذين لا يحبون العرب ولا يقرون لهم بفضل فإن قولهم بدعة. ومن حرم المكاسب والتجارات وطلب المال من وجهه فقد جهل وأخطأ، بل المكاسب من وجهها حلال قد أحلها الله ورسوله فالرجل ينبغي أن يسعى على نفسه وعياله من فضل ربه، فإن ترك ذلك على أن لا يرى ذلك الكسب حلالاً فقد خالف الكتاب والسنة.

(والدين) إنما هو كتاب الله عز وجل وآثار وسنن وروايات صحاح من الثقات والأخبار الصحيحة القوية المعروفة ويصدق بعضها بعضاً حتى ينتهي ذلك

<<  <   >  >>