[رسالة من محمد أحمد الحفظي اليمني: منها أنه زعم إن إطلاق الكفر بدعاء غير الله غير مسلم به]
...
كتاب مختصر الردود
قال الشيخ حمد بن ناصر بن معمر رحمه الله تعالى:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا ند ولا معين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أرسله رحمة للعالمين وحجة على الكافرين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً.
أما بعد: فانه لما كان منتصف جمادي الثانية من سنة سبع عشرة بعد المائتين والألف ورد علينا رسالة من محمد بن أحمد الحفظي اليمني يسأل فيها عن مسائل أوردها عليه بعض المجادلين فطلب منا الجواب عليها.
منها: أنه زعم أن إطلاق الكفر بدعاء غير الله غير مسلم لوجوه الوجه الأول: عدم النص الصريح على ذلك بخصوصه، الثاني: أن نظر فيه من حيثية الاعتقاد فهو كالطيرة وهي من الأصغر، الثالث: أنه قد ورد في حديث الضرير قوله يا محمد إني أتوجه بك الخ وفي الجامع الكبير وعزاه للطبراني فيمن انفلتت عليه دابته قال يا عباد الله احبسوا وهذا دعاء ونداء لغير الله.
الجواب وبالله التوفيق والتأييد ومنه استمد العون والتسديد، اعلم أن دعاء غير الله وسؤاله نوعان: أحدهما سؤال الحي الحاضر ما يقدر عليه مثل سؤاله أن يدعوا له أو يعينه أو ينصره مما يقدر عليهن فهذا جائز كما كان الصحابة رضي الله عنهم يستشفعون بالنبي صلى الله عليه وسلم في حياته فيشفع لهم ويسألونه الدعاء فيدعو لهم فالمخلوق يطلب منه من هذه الأمور ما يقدر عليه منها كما قال تعالى في قصة موسى: {فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ} وقال تعالى: {وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ} وكما ورد في الصحيحين: إن الناس يوم القيامة يستغيثون بآدم ثم بنوح ثم بإبراهيم ثم بموسى ثم بعيسى ثم بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وفي سنن أبي داود أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم: إنا نستشفع بالله عليك ونستشفع بك على الله فقال: "شأن الله أعظم من ذلك إنه لا يستشفع بالله على أحد من خلقه" فأقره على قوله نستشفع بك على الله، وأنكر قوله نستشفع بك بالله عليك" فالصحابة رضي الله عنهم كانوا يطلبون منه الدعاء ويستشفعون به في حياته صلى الله عليه وسلم.