[مسألة هل يجب على المبتدئين المتعلمين الرقي إلى معرفة الدليل أم يكفيهم بتقليد من سبقهم]
[مدخل]
...
[مجموعة الرسائل والمسائل والفتاوى]
(وبه أستعين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم)
الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
(مسألة) ما قولكم نور الله قلوبكم لفك المعضلات، ووفقكم للأعمال الصالحات: هل يلزم المبتدئين المتعلمين الترقي إلى معرفة الدليل الناص على كل مسألة ومعرفة طرقه وصحته؟ أم تقليد المخرجين للحديث أنه صحيح أو حسن، أو يكفيهم العمل بالفقهيات المجردة عن الدليل يغنهم هذا فيمن طلب العلم وتأهل له. فما الحال في العوام هل يجزئهم مجرد التقليد؟
وأيضاً حكى بعض المتأخرين الإجماع على تقليد الأئمة الأربعة أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد فأفيدونا واحتسبوا فان الحاجة ماسة إلى هذه المباحث فان تتفضلوا بطول الجواب وذكر الدليل ومن قال به فهو المطلوب.
فأجاب الشيخ حمد بن ناصر بن عثمان بن معمر رحمه الله تعالى: الجواب وبالله التوفيق.
لا ريب أن الله سبحانه فرض على عباده طاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ} وقال تعالى {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} إلى قوله {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} ولم يوجب الله على هذه الأمة طاعة أحد بعينه في كل ما يأمر به وينهى عنه إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، واتفق العلماء على أنه ليس أحد معصوماً إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهؤلاء الأئمة الأربعة قد نهوا الناس عن تقليدهم في كل ما يقولون فقال أبو حنيفة: علمنا هذا رأي وهو أحسن ما قدرنا عليه ومن جاءنا بأحسن منه قبلناه منه. وقال معن بن عيسى سمعت مالكاً يقول: إنما أنا بشر أخطئ وأصيب فانظروا في قولي فكل ما خالف الكتاب والسنة فاتركوه. وقال ابن القاسم كان مالك يكثر أن يقول:(أن نظن إلا ظناً وما نحن بمستيقنين) وقال الشافعي: إذا صح الحديث فاضربوا بقولي الحائط وإذا رأيت الحجة على الطريق فهي قولي. والأمام أحمد كان يقول لا تقلدوني ولا تقلدوا