وقال الشيخ أحمد بن حجر الهيتمي في التحفة في باب حكم تارك الصلاة: أن ترك الصلاة جاحداً وجوبها كفر بالإجماع، أو تركها كسلاً مع اعتقاده وجوبها قتل للآية {فَإِنْ تَابُوا} وخبر "أمرت أن أقاتل الناس" لأنهما شرطاً في الكف عن القتل والمقاتلة الإسلام وأقام الصلاة وإيتاء الزكاة، لأن الزكاة يمكن الإمام أخذها ولو بالمقاتلة ممن امتنعوا وقاتلوا فكانت فيها على حقيقتها بخلافها في الصلاة، فإنه لا يمكن فعلها بالمقاتلة.
وقال في باب صلاة الجماعة قيل وهي فرض للرجال فتجب بحيث تظهر بها الشعائر في ذلك المحل في البادية أو غيرها فإن لم يظهر الشعار بأن امتنعوا كلهم أو بعضهم -كأهل محلة من قرية كبيرة ولم يظهر الشعار إلا بهم - قوتلوا، يقاتلهم الإمام أو نائبه لإظهارهذه الشعيرة الكبيرة.
وقال في باب الأذان: والإقامة سنة وقيل فرض كفاية فيقاتل أهل بلد تركوهما أواحدهما بحيث لم يظهروا الشعائر. وقال في باب صلاة العيد: هي سنة وقيل فرض كفاية فعليه يقاتل أهل بلد تركوها. انتهى كلامه في التحفة.
فانظر كلامهم في قتل تارك الصلاة كسلاً. وتأمل قوله أن الآية والحديث شرطاً في الكف عن القتل والمقاتلة الإسلام، وإقام الصلاة، وإتياء الزكاة، وان الإمام يأخذ الزكاة بالمقاتلة ممن امتنعوا وقاتلوا.
وتأمل كلامه في باب صلاة الجماعة، وانها تجب بحيث يظهر الشعار في ذلك المحل حتى في البادية وأنهم يقاتلون إذا امتنعوا.
وتأمل كلامه في الأذان والإقامة وأن الإمام يقاتل على تركهما وعلى ترك أحدهما على القول بأنهما فرض كفاية.
وتأمل كلامه في الطائفة اذا امتنعوا من صلاة العيدين، فأين هذا من كلام من يقول: إن أهل البلد والبوادي إذا قالوا: لا إله إلا الله محمد رسول الله لم يجز قتالهم وان لم يصلوا ولم يزكوا، سبحان الله ما أعظم هذا الجهل.
وأما كلام الحنابلة في الإقناع وشرحه في كتاب الصلاة: ومن جحد وجوبها كفر، فإن تركها تهاوناً وكسلاً لا جحوداً دعاه الإمام أو نائبه إلى فعلها لاحتمال أن يكون تركها لعذر يعتقد سقوطها به كالمرض ونحوه، فيهدده فأن أبي أن يصلها حتى تضايق وقت التي بعدها وجب قتله لقوله تعالى:{فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} -إلى قوله تعالى- {َإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} فمن ترك الصلاة لم يأت بشرط التخلية فيبقى على إباحة القتل. ولقوله عليه السلام:"ومن ترك الصلاة متعمداً فقد برئت منه ذمة الله ورسوله" رواه الإمام أحمد عن مكحول وهو مرسل جيد.
ولا يقتل حتى يستتاب ثلاثة أيام كمترد نصاً، فإن تاب بفعلها وإلا قتل بضرب