وسلم لعن فاعله، فقد روى ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن زائرات القبور، والمتخذين عليها المساجد والسرج. رواه أهل السنن.
وأعظم من هذا كله وأشد تحريماً الشرك الأكبر الذي يفعل عندها وهو دعاء المقبورين وسؤالهم قضاء الحاجات، وتفريج الكربات، لكن تقولون لنا أن هذا لا يفعل عندها وليس عندها أحد يدعوها ويسألها، ونقول: اللهم اجعل ما ذكرناه حقاً وصدقاً ونسأل الله أن يطهر حرمه من الشرك.. ولا ريب أن دعاء الموتى وسؤالهم جلب الفوائد وكشف الشدائد إنه من الشرك الأكبر الذي كفر الله به المشركين كما تقدم بيانه في المسألة الأولى وقد قال تعالى:{وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً} وقال تعالى: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلاً} وقال تعالى: {وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِنَ الظَّالِمِينَ} وقال تعالى: {وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ} وقد قال تعالى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ * وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ} وقال تعالى {لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلاَّ كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلالٍ} .
وقد روى الترمذي عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"الدعاء مخ العبادة" وعن النعمان بن بشير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الدعاء هو العبادة" ثم قرأ رسول الله {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} رواه أحمد وأبو داود والترمذي.
قال العلقمي في شرح الجامع الصغير حديث (الدعاء مخ العبادة) وقال شيخناً قال في النهلة مخ الشيء خالصه، وانما كان مخها لأمرين أحدهما أنه امتثال أمر الله تعالى حيث قال:{ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} فهو محض العبادة وخالصها.. والثاني إذا رأى نجاح الأمور من الله تعالى قطع عمله عما سواه ودعاه لحاجته وحده وهذا أصل العبادة.
ولأن الغرض من العبادة الثواب عليها، وهذا هو المطلوب من الدعاء. وقوله (الدعاء هو العبادة) قال شيخناً قال الطيالسي أتى بالخبر المعرف باللام ليدل على الحصر، وأن العبادة ليست غير الدعاء. وقال شيخناً قال البيضاوي لما حكم بأن الدعاء هو العبادة الحقيقية التي تتأهل أن تسمى عبادة من حيث يدل على أن فاعله مقبل على الله معرض عما سواه لا يرجو إلا إياه، ولا يخاف إلا منه واستدل عليه بالآية يعني بقوله تعالى:{وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} فأنها تدل على أنه أمر مأمور به