للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الذي غلب فيه الجهل وقل فيه طلب العلم وتصدى فيه جهلة الطلبة للقضاء والفتيا فتجد بعضهم يقضي ويفتي وهو لا يحسن عبارة الكتاب ولا يعلم صورة المسئلة بل لو طولب بإحضار تلك المسألة وهي في الكتاب لم يهتد إلى موضعها فإنا لله وإنا إليه راجعون.

لقد هزلت حتى بدا من هزالها ... كلاها وحتى استامها كل مفلس

قال في شرح مختصر التحرير ويلزم ولي الأمر منع من لم يعرف بعلم أو جهل حاله من الفتيا قال ربيعة بعض من يفتي أحق بالضرب من السراق. ولا تصح الفتيا من مستور الحال. وما يجيب به المقلد عن حكم فإخبار عن مذهب إمامه لا فتيا قاله أبو الخطاب وابن عقيل والموفق ويعمل بخبره إن كان عدلاً لأنه ناقلاً كالراوي. ولعامي تقليد مفضول من المجتهدين عند الأكثر من أصحابنا منهم القاضي وأبو الخطاب وصاحب الروضة وقاله الحنفية والمالكية وأكثر الشافعية وقيل يصح إن اعتقده فاضلاً أو مساوياً لا أن اعتقده مفضولاً لأنه ليس من القواعد أن يعدل عن الراجح إلى المرجوح وقال ابن عقيل١ وابن سيرج والقفال والسمعاني يلزمه الاجتهاد فيقدم الأرجح، ومعناه قول الخرقي والموفق في المقنع ولأحمد روايتان. ويلزمه إن بان له الأرجح تقليده في الأصح زاد بعض أصحابنا وبعض الشافعية في الأظهر ويقدم الأعلم على الأورع، ويخير في تقليد أحد مستويين عند أكثر أصحابنا قال في الرعاية ولا يكفيه من تسكن نفسه إليه، بل لا بد من سكون النفس والطمأنينة به، ويحرم عليه تتبع الرخص ويفسق به. وإن اختلف مجتهدان بأن أفتاه أحدهما بحكم والآخر بخلافه تخير في الأخذ بأيهما شاء على الصحيح، اختاره القاضي والمجد وأبو الخطاب وذكر أنه ظاهر كلام أحمد وقيل يأخذ بقول الأفضل منهما علماً وديناً وهذا اختيار الموفق في الروضة.

ويحرم تساهل مفت وتقليد معروف به٢ لأن الفتيا أمر خطر فينبغي أن يتبع السلف الصالح في ذلك فقد كانوا يهابون الفتيا كثيراً وقد قال الإمام أحمد إذا هاب الرجل شيئاً لا ينبغي أن يحمل على أن يقول به. قال بعض الشافعية من اكتفى في فتياه بقول أو وجه في المسئلة من غير نظر في الترجيح فقد جهل وخرق الإجماع. وذكر عن أبي الوليد الباجي٣ إنه ذكر عن بعض أصحابهم أنه كان يقول الذي لصديقي علي أن أفتيه بالرواية التي توافقه، قال أبو الوليد وهذا لا يجوز عند أحد يعتد به في الإجماع. انتهى كلامه في شرح المختصر ملخصاً.

وهذا الذي ذكره أبو الوليد ذكر مثله الشيخ تقي الدين وصاحب الإنصاف وغيرهما. قال في الاختيارات وأجمع العلماء على تحريم الحكم والفتيا بالهوى أو بقول أو وجه


١ ابن عقيل من كبار فقهاء الحنابلة والثلاثة الذين ذكروا بعده من كبار الشافعية.
٢ أي التساهل.
٣ هو من كبار المالكية.

<<  <   >  >>