ومحمد بن سعيد ونقل عن الأوزاعي ما يدل على هذا وكره ذلك الحسن والنخعي وقال الشافعي وأبو ثور وابن المنذر وأصحاب الرأي لا يصح والربح كله لرب المال وللعامل أجرة مثله ولنا أنها عين نمت بالعمل عليها فصح العقد عليها ببعض نمائها كالدراهم والدنانير وكالشجر في المساقاة والأرض في المزارعة وقد أشار أحمد رحمه الله تعالى إلى ما يدل على تشبيهه لمثل هذا بالمزارعة فقال لا بأس بالثوب يدفع بالثلث أو الربع لحديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى خيبر على الشطر، وهذا يدل على أنه ظاهر في مثل هذا إلى الجواز لشبهه بالمساقاة والمزارعة لا إلى المضاربة ولا إلى الإجارة. ونقل أبو داود عن أحمد فيمن يعطي فرسه على النصف من الغنيمة: أرجو أن لا يكون به بأس ونقل أحمد بن سعيد فيمن دفع عبده إلى رجل يكتسب عليه ويكون له ثلث ذلك أو ربعه فجائز والوجه فيه ما ذكرناه في مسألة الدابة وإن دفع ثوبه إلى خياط ليفصله قميصاً وله نصف ربحه بعمله جاز، نص عليه في رواية حرب وإن دفع غزلاً إلى رجل ينسجه ثوباً بثلث ثمنه أو ربعه جاز، نص عليه. ولم يجز مالك وأبو حنيفة والشافعي شيئاً من ذلك وقال الأثرم سمعت أبا عبد الله يقول لا بأس بالثوب يدفع بالثلث والربع وسئل عن الرجل يعطي الثوب بالثلث ودرهم أو درهمين قال أكرهه لأن هذا شيء لا يعرف الثلث إذا لم يكن معه شيء نراه جائزاً لحديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى خيبر على الشطر. قيل لأبي عبد الله فان كان النساج لا يرضى حتى يزاد على الثلث درهما قال فليجعل له ثلثاً وعشراً ثلث أو نصف عشر وما أشبهه انتهى ملخصاً. وقد نص أحمد أيضاً على جواز دفع الثوب لمن يبيعه بثمن يقدر له ويقول ما زاد فهو لك وقال في الإنصاف ولو دفع عبده أو دابته إلى من يعمل بهما بجزء من الأجرة أو ثوباً بخيطه أو عزلاً ينسجه بجزء من ربحه جاز نص عليه وهو المذهب جزم به ناظم المفردات وهو منها وقال في الحاوي الصغير ومن استأجر من يجد نخله أو يحصد زرعه بجزء مشاع منه جاز نص عليه في رواية مهنا وعنه لا يجوز وللعامل أجرة مثله. ونقل مهنا في الحصاد: هو أب لي أمن المقاطعة، وعنه له دفع دابته أو نخله لمن يقوم به بجزء من نمائه اختاره شيخ الإسلام والمذهب، لا لحصول نمائه من غير عمله انتهى ملخصاً. وقال في المغني وان اشترك ثلاثة من أحدهم الأرض ومن الآخر البذر ومن الآخر البقر والعمل على أن ما رزق الله بينهم فعملوا فهذا عقد فاسد نص عليه أحمد في رواية أبي داود ومهنا وأحمد ابن القاسم وبهذا قال مالك والشافعي وأصحاب الرأي فعلى هذا يكون الزرع لصاحب البذر لأنه نماء ماله ولصاحبيه عليه أجرة مثلهما انتهى. وقال في موضع آخر فان اشترك ثلاثة من أحدهم الدابة ومن الآخر راوية ومن الآخر العمل على أن ما رزق الله بينهما صح في قياس قول أحمد فانه قد نص في الدابة يدفعها إلى آخر يعمل عليها على أن لهم الأجرة على الصحة وهذا مثله وهكذا لو اشترك أربعة من أحدهم دكان ومن الآخر رحى ومن آخر بغل ومن آخر العمل على أن يطحنوا بذلك فما رزق الله تعالى بينهم صح وكان بينهم على ما شرطوه وقال القاضي العقد فاسد في المسألتين جميعاً وهو ظاهر قول الشافعي انتهى. ومن تأمل ما نقلناه تبين له حكم مسألة السؤال والله أعلم.