لا يجدون له إسناداً متصلاً أو صحيحاً، فالإخباري لا يقف عند هذه الشروط التي تفقده كثيراً من مصادره، ومادته العلمية.
كما أن كثيراً من الأخبار التي يرويها أولئك الشيوخ المجهولون – أو المجروحون - كثيراً ما تكون غريبة ونادرة، وإذا كان الناس عامة يميلون إلى سماع الغريب، فإن طالب العلم أحرص على حمل الغريب وروايته، ليتفرد عن أقرانه بما ليس عندهم، لكنه حينئذٍ يكون عرضة للاتهام، وربما جُرِحَ لذلك، وخاصة إذا أكثر منه، قال الخطيب البغدادي:" وأكثر طالبي الحديث في هذا الزمان يغلب على إرادتهم كتب الغريب دون المشهور، وسماع المنكر دون المعروف ... "(١) .
الأمر الثالث: وهو الشيوخ الذين روى عنهم كل من الطائفتين – وعبرت هنا بالرواية وليس الأخذ، لأن الأخذ المجرد عن الشيخ الضعيف لا يضر الراوي إذا لم يرو عنه – ذلك أن الراوي يتأثر توثيقاً وتجريحاً – عادة - بمن يروي عنه، ولذا ليس له أن يروي إلا عن ثقة مقبول الرواية، غير متهم في دينه ولا حديثه، ومن هنا رأينا غالب المحدثين يسمعون من كل أحد، لكنهم عند الرواية ينتقون شيوخهم الذين يروون عنهم، ويزهدون في الرواية عن المجروحين والمجهولين الذين لا يعرفون، من ذلك قول أبي حاتم الرازي:" إذا كتبت فقمش وإذا حدثت ففتش " قال العراقي: كأنه أراد؛ اكتب الفائدة ممن سمعتها، ولا تؤخر حتى تنظر هل هو أهلٌ للأخذ عنه أم لا؟ فربما فات ذلك بموته أو سفره أو غير ذلك، فإذا كان وقت الرواية أو العمل ففتش حينئذ،